المقالاتعام

من لعب في “عدادات” الهلال؟!

همس الحقيقة

كل من شاهد مساء الأربعاء الماضي مباراة الهلال أمام ريال مدريد في بطولة كأس العالم للأندية المقامة حالياً في أمريكا، والمستوى الفني “المبهر” الذي قدمه اللاعبون، وبالذات في الشوط الأول، من المؤكد أن هذه الدهشة أثارت علامة استفهام وتعجب كبيرة حول ما الذي تغيّر في الهلال غير مدربه الإيطالي إنزاغي؟ ثم ما هي الأسباب الحقيقية التي جعلت لاعبيه يظهرون بتلك الروح القتالية والعطاء المتميز؟

الإجابة على هذين السؤالين ببساطة تدفع من يفهم في كرة القدم إلى طرح سؤال ثالث منطقي قد تكون في محتواه إجابة مقنعة جداً للسؤالين السابقين، وهو: هل من المعقول أن المدرب إنزاغي استطاع خلال المدة القصيرة التي لم تتجاوز أربعة عشر يوماً على توليه مهمة التدريب، عمل كل هذا “الانقلاب” في أداء الفريق؟

من وجهة نظري، أن من لعب في عدادات الهلال هو المدرب “خيسوس” بعدما أصابه “غرور الأنا” المنبعث من النتائج التي حققها بالموسم ما قبل الماضي، دون أن يعطي اهتمامه بمتغيرات واضحة للعيان حدثت في الدوري السعودي هذا الموسم، وأنديته عبر التعاقد مع نجوم كبار أفضل بمراحل من الموسم الذي قبله، جعلته “أقوى”، وليس ذلك فحسب، إنما منح هذا الدوري محلياً وخارجياً “متعة” كروية عبر منافسة من بدايته حتى نهايته، والدليل فارق النقاط بين الفرق المقدمة، على العكس تماماً عن موسم كان أشبه بدوري حواري.

هذه الحقيقة الماثلة لدى الجميع لم يهتم بها جيسوس، ولم يعترف بوجودها، ليلعب بنفس “التيم” دون إجراء عملية “تدوير” حتى لا يتعرض اللاعبون للإرهاق والإصابات، مما يؤثر بطبيعة الحال على أداء الفريق ومستواه. وهذا الفكر “المتصلب” وحالة “العناد” التي مارسها كانت سبباً رئيسياً في “انهيار” الهلال، مما شكل ضغوطاً “شديدة” عليه وعلى اللاعبين. هذه الضغوط بدأت العلاقة بين الطرفين تسوء جداً، مما كان لذلك أثره البليغ على أداء اللاعبين، بعدما أصبح أسلوب تعامله معهم فيه من العصبية والفوقية. وظهرت هذه العلاقة المتوترة في أكثر من مباراة، وبالتالي لا بد أن تأتي النهاية “التراجيدية” بقرار من اللاعبين أنفسهم -على ما أظن- كما رفعناك قادرين على إسقاطك. وهذا ما فرض على صُنّاع القرار في إدارة الهلال إقالة المدرب “المغرور” المتسبب في سقوط هلال لم يحترم منافسيه، ولم يحترم هو لاعبين قدّروا سنّه وخبرته وعلاقة موسم ناجح معه.

ولهذا، إذا أردنا معرفة ما الذي تغيّر في الهلال حيث شاهدناه أمام ريال مدريد بتلك الصورة “المشرفة”، فعلينا أن ندرك أن اللاعبين هم نفس اللاعبين، وأن ما تم تغييره هو “كابوس” اسم “خيسوس”. فمن ناحية أدائهم هو نفس الأداء، والفرق أن الفريق ظهرت عليه الروح القتالية والرغبة في الفوز أمام فريق عالمي. إضافة إلى أنها أول مباراة يشرف عليها المدرب إنزاغي، ولا بد أن كل لاعب يرغب في تقديم أفضل ما لديه ليكون صورة “مبدئية” حسنة عنده.

صحيح أن هناك لمسات “بسيطة” للمدرب الجديد، ولكن في نفس الوقت أرى أنه لم يُوفق في بعض التغييرات التي أجراها قبل نهاية الشوط الثاني، ولا يمكن توجيه نقد على اجتهاد منه نحو فريق ما زال تحت النظر ولم يتعرف عليه “ملياً”. وإن كان هناك سؤال رابع:لماذا لياقة مالكوم لم تسعفه بأكمال المباراة واضطر المدرب إلى تغيره؟ وهو الذي ساهَمَ في الدوري السعودي بـ”فرفرة”، فماذا يا ترى تغيّر على اللاعب؟!

ووفق تصوري، المباراة الثانية التي سيلعبها الهلال صباح الاثنين المقبل لا أظن أننا سنرى بصمات إنزاغي “كاملة” على الزُرق، إنما أتوقع -متأملاً- أن المهمة الأكبر ستقع على اللاعبين أنفسهم، بروحهم القتالية، والرغبة الأكيدة بالظهور بأداء مشرف، يقود الفريق إلى الفوز والانتقال إلى مرحلة تؤهله للدور الثاني ومهمة “أصعب” بكثير. ومن ثم تقديم إثبات آخر أن المشكلة “لم تكن فيهم”، إنما العيب كان في مدرب متغطرس “لعب” في عدادات الهلال نفسياً ومعنوياً وفنياً.

عدنان جستنية

كاتب وناقد صحافي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى