
في مدينة ليفربول، حيث تتحوّل المستديرة إلى لغة يومية، كانت علاقة محمد صلاح وديوغو جوتا أكثر من مجرّد شراكة كروية. لم تكن تمريرات عابرة بين مهاجمين يتقاسمان منطقة الجزاء، بل كانت خيوطًا غير مرئية تنسج حكاية صداقة نادرة، قوامها الثقة والبهجة، وتفاصيلها تُروى عبر الصور، لا الكلمات.
كانا يركضان بذات الإيقاع، يتقابلان في لحظة الحسم، يرفع أحدهما الكرة، ويُكملها الآخر إلى الشباك. وبين كل تمريرة وتمريرة، كانت هناك نظرة، أو احتضان، أو ضحكة… تحكي عن رابطة لا تُفكك بسهولة.
محمد صلاح، الذي اعتاد أن يحتفل بكل فوز بصورة “سيلفي” مع من سجّل، لم يتوقف عن مشاركة تلك الطقوس مع جوتا. وفي كل صورة، يظهر جوتا يبتسم بثقة، كما لو أن بينه وبين صلاح اتفاقًا صامتًا: نحن لا نُهزم حين نكون معًا.
ورغم أن جوتا لم يكن دائمًا في التشكيل الأساسي، إلا أن حضوره إلى جوار صلاح كان يغيّر إيقاع المباراة. في إحدى أجمل لحظات التعاون بينهما، كانت تمريرة حاسمة من المصري تنتهي في قدَم جوتا… هدفٌ يُسجَّل، وسيلفي يُحفظ، وذاكرة تُخزَّن.
لكن للقدر وجوه لا نحب رؤيتها.
في صباح ثقيل من يوليو، توقّف الركض. سُجّل الغياب الأشد مرارة. رحل جوتا، وبقيت الصور. لم ينشر صلاح تعليقًا طويلًا، لم يكتب مرثية تقليدية، بل اكتفى بصمته… وبلقطات تُعبّر عن الحزن أكثر من ألف حرف.
ففي صورهما، لا ترى لاعبين فقط، بل صديقين يتقابلان في كل تفصيل كروي. من تبادل الأهداف إلى تبادل النَظرات. من السجود المشترك بعد التسجيل، إلى الاحتضان العفوي وسط المدرجات.
اليوم، يظل اسم ديوغو جوتا محفورًا في ذاكرة ليفربول، لا فقط كهداف، بل كمن شكّل مع صلاح أحد أجمل الثنائيات الحديثة.
ويظل صلاح، حين يدخل غرفة الملابس، يفتقد جهة اليسار… حيث كان يقف جوتا، دائمًا.
هذه ليست حكاية نجم فقد زميله، بل قصة إنسانية مكتوبة بلغة كرة القدم.
قصة تقول لنا إن بعض الممرات التي تبدأ في الملعب، قد تنتهي في القلب