المقالات

النوادي الرياضية في السعودية: نداء للمعنيين

شهدت النوادي الرياضية في المملكة العربية السعودية طفرة نوعية كبيرة في الخمس سنوات الماضية، وحيث إن الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة -التي يتوافق فيها مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030- هو الصحة الجيدة والرفاه، تسعى المملكة إلى تعزيز النشاط البدني وتحسين الصحة العامة للمواطنين من خلال زيادة عدد النوادي الرياضية، والتشجيع على المشاركة في الأنشطة الرياضية المختلفة.
وانطلاقًا من سعي المملكة لضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية مع تحقيق الرفاهية لجميع الأعمار، و لأنّ الرياضة تشكّل جزءًا هامًا من المشهد الصحي في المملكة الحديثة، فقد شهدت في السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في عدد النوادي الرياضية، إضافة إلى شقّ ورصف مماشي واسعة وجميلة بتنا نراها في المدن الكبرى مما يعكس التزامها بتعزيز الرياضة واللياقة البدنية، غير أن ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة العالية معظم أيام العام كثيرًا ما يعيق ممارسة المشي اليومي فيها، فيتركز في الأسواق المركزية والنوادي الرياضية الخاصة التي نشهد ارتفاع أسعار التسجيل فيها بشكل مبالغ فيه. وهو محور المقال.

ووفق إحصاءات دقيقة حول العدد الإجمالي للنوادي الرياضية في السعودية، فقد فاق عددها (800) نادٍ رياضي، موزع على مختلف مناطق المملكة، وإن كان التركيز الأكبر لها في المدن الكبرى. كما بلغ عدد الأعضاء المشاركين في النوادي الرياضية السعودية أكثر من (250) ألف عضو، منهم أكثر من (70) ألف امرأة-حسب آخر الإحصاءات- وفي هذا مؤشر واضح على أن الاستثمار في النوادي الرياضية قد يكون من أفضل الاستثمارات حيث تقدم وزارة الرياضة دعمًا للنوادي الرياضية، وقد يساهم هذا الدعم إضافة لتطوير البنية التحتية الرياضية في جذب المستثمرين المحليين والدوليين، وتعزيز الاقتصاد المحلي من حيث التسهيلات. وقد بلغت قيمة الاستثمار في النوادي الرياضية أكثر من (10) مليارات ريال سعودي، مما يعكس التزام المملكة بتعزيز القطاع الرياضي بشكل عام، والرياضة النسائية بشكل خاص.

ورغم أن النوادي الرياضية في السعودية تقدّم فرصة كبيرة لتعزيز الرياضة واللياقة البدنية في المملكة. إلا أن ثمّة تحديات تواجهها كنقص البنية التحتية الرياضية في بعض المناطق البعيدة والنائية، وقلة الوعي بأهمية النشاط البدني لدى شريحة كبيرة في المجتمع، ورغم أن النوادي الرياضية في السعودية تُعد جزءًا هامًا من المشهد الرياضي في المملكة حيث تساهم في تعزيز النشاط البدني وتحسين الصحة العامة كما أنها وسيلة مساعدة لتغيير نمط الحياة، كتناول الطعام الصحي، ولها أثر في تقليل الوزن وتحسين الصحة العامة. إلا أن التحدي الأكبر الذي يواجه راغبي النوادي الرياضية في السعودية من السيدات هو العائق المادي غير المبرر، تحديدًا أسعار اشتراك السيدات قياسًا لأسعار اشتراك الرجال الذين تقدّم لهم أسعار محفزة جدًا، بينما تتضاعف بشكل كبير في الفروع النسائية مما يشكل عائقاً أمام شريحة من النساء غير العاملات، والطالبات، والموظفات كون النسبة الأعلى من البدانة بينهن وفق آخر إحصاءات السمنة بين النساء في السعودية، و تُظهر الإحصاءات أن النساء يعانين من السمنة بمعدلات أعلى من الرجال؛ حيث بلغت نسبة السمنة بينهن 24.5% في الربع الأول من عام 2022، مقارنة بـ 19% بين الرجال. كما بلغت نسبة عمليات التكميم عند النساء 70% من مجمل العمليات في المملكة، مما يعكس ارتفاع معدلات السمنة بينهن. و تُعزى السمنة بين النساء إلى عدة أسباب؛ منها: الاضطرابات الهرمونية، وقلة الكتلة العضلية، واختلاف التكوين الجسدي، وارتفاع الدهون. و تشمل مضاعفات السمنة لديهن زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكري، وارتفاع ضغط الدم، وانقطاع النفس أثناء النوم، وغيرها من المضاعفات. و لا يخفى أن من أهم أسباب السمنة بين النساء يعود لقلة النشاط البدني، و نمط الحياة غير الصحي كتناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية والسكريات خاصة في الليل.

وفي الختام وبما أن الأندية الرياضية وسيلة يمكن من خلالها تعزيز الصحة والوقاية من السمنة وممارسة الرياضة بانتظام متزامنًا مع اتباع نظام غذائي متوازن. و مع نمو وتطور النوادي الرياضية التي يتوقع أن تلعب دورًا أكبر في تعزيز الرياضة واللياقة البدنية في المملكة لو تمّ تشريع سياسات تضمن تخفيض الرسوم ومساواتها بين الأفرع الرجالية النسائية، واستقطاب الفئات العمرية الأعلى والتي تواجه مخاطر صحية بحيث يكون لها حسم خاصة لمن هنّ فوق الستين عامًا، ولفئة طلبة الجامعات. و لاشك أن الهدف الأهم والأسمى هو تغيير نمط الحياة لينعم الجميع بصحة أفضل بشكل عام، وحياة خالية من الأمراض والأسقام، وليس مجرد اشتراك سنوي مرتفع القيمة قد لا يعزز النشاط البدني إلا لفترة محدودة، ولفئة قادرة على دفع الاشتراكات الباهظة الثمن.

• جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل

أ.د. أماني خلف الغامدي

جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى