المقالات

ياغزة العزة : جهود المملكة العربية السعودية في الاعتراف الدولي

منذ اندلاع الصراع في فلسطين قبل عامين، ثمّ فرض الحصار الخانق على غزة من قِبل العدو الإسرائيلي، بادرت المملكة العربية السعودية لكسر هذا الحصار من خلال إسقاط المساعدات الغذائية جوًا في اختبار لقدرة المجتمع الدولي على التوفيق بين الاعتبارات الإنسانية والسياسية والأمنية، وقد شكّلت مبادرة السعودية مثالًا حيًا على كيفية استخدام هذه الأداة بشكل فعّال ومشروع؛ إذ تبقى هذه الجهود الحثيثة التي لم تتوقف أبدًا أداة حيوية لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة في الحالات الطارئة ليبقى تعزيز التعاون الدولي وتفعيل آليات التدخل الإنساني السلمي أمرًا ضروريًا لضمان حماية المدنيين وتخفيف معاناتهم، وفقًا لما تقتضيه العدالة والإنسانية.

وانطلاقًا من هذا الميثاق اتخذت المملكة خطوات جريئة لتقديم المساعدة الإنسانية للفلسطينيين المحاصرين حيث تدهور الوضع الإنساني فيها مما أسهم في خلق أكبر مأساة بشرية على مرّ التاريخ، بل كانت المملكة حريصة على ضمان وصول هذه المساعدات إلى مستحقيها لتخفيف معاناتهم، وكان ذلك تطبيقًا عمليًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني بشكل غير منحاز، ودون تمييز- بلا إفراط أو تفريط- مستندةً إلى مبدأ الإنسانية الذي يشكل جوهر القانون الدولي الإنساني.

تعدّ السعودية من الدول الرائدة في دعم القضية الفلسطينية، إذ لعبت على مر عقود مضت دورًا محوريًا في الجهود الدولية لوقف الحرب وتخفيف المعاناة الإنسانية في غزة. وكان لزامًا على المجتمع الدولي سرعة التحرّك لرفع هذه المعاناة عن المدنيين في الأزمات الإنسانية.

وإن نسينا فلن ننسى اليوم ذلك الدور السعودي الكبير في تحصيل الاعتراف الدولي بغزة، وتلك الجهود المبذولة لتعزيز حقوق الشعب الفلسطيني. فانصبت الجهود ابتداء على تعزيز حقوق الشعب الفلسطيني ضمن المسار العربي–الإسلامي؛ فكانت القمة الاستثنائية في الرياض نوفمبر 2023، التي نتج عنها تشكيل لجنة وزارية عربية–إسلامية فاعلة، وقد نجحت الرياض في حشد تأييد واسع لمشاريع القرارات الخاصة بحقوق الشعب الفلسطيني. إضافة لذلك قدمت كل ما يمكنها من الدعم المالي الكبير لإعادة إعمار غزة، وقد وجهت هذا الدعم إلى ميزانية السلطة الفلسطينية، ليكون عونًا لغزة والضفة الغربية والقدس، فالدور السعودي في دعم القضية الفلسطينية متنوع وفعّال؛ فمن حيث الجهود الدبلوماسية قامت بجهود كبيرة لإيقاف الحرب على غزة، فتمّ تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الخارجية، وتنقلت هذه اللجنة عبر العواصم العالمية لتحقيق وقف العدوان على غزة. كما استضافت السعودية في وقت سابق اجتماعًا للتحالف الدولي لدعم حلّ الدولتين في الرياض، وهدفت هذه الخطوة إلى تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، وقد لاقت هذه الخطوة تفاعلًا واسعًا في الصحافة السعودية. فيما ركّزت الجهود حول أن الحلّ يجب أن يكون واقعيًا؛ فاتخذت خطوات جادّة لتحقيق حلّ الدولتين، وبذلت كل ما يمكن من جهود دبلوماسية لإقناع المجتمع الدولي بقضية العرب الأولى منذ عقود، بل وصف اجتماع الرياض كأحد أكبر إنجازات القضية الفلسطينية نتيجة دور الدبلوماسية السعودية في توحيد الجهود الدولية. إن ما تفعله السعودية اليوم يؤكد التزامها بالقضية، إذ أسهمت تلك الجهود إلى حدّ كبير بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.

إن الجهود السعودية في دعم القضية الفلسطينية اليوم، ليست إلا امتدادًا لجهود حثيثة لم تتوقف يومًا لاستثمار تضحيات الشعب الفلسطيني لصالح قضيته، وإنّ الدعم السعودي والرحلات المتكررة لسمو الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية لعواصم العالم أكدت دومًا على ضرورة إيجاد حلّ دائم يعزّز الاستقرار ويحقّق العدالة للشعب الفلسطيني. وأما من حيث دعم الاعتراف الدولي، فقد دعمت المملكة العربية السعودية الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وقد أثمرت هذه الجهود عن اعتراف العديد من الدول بفلسطين، بما في ذلك فرنسا، التي أعلنت اعترافها بدولة فلسطين في إطار دبلوماسي سعودي.

في الختام، لا يمكن إغفال حقيقة أن المملكة العربية السعودية لعبت دورًا محوريًا في دعم القضية الفلسطينية والاعتراف الدولي بغزة. وقد أثمرت جهودها عن اعتراف العديد من الدول المحورية في الغرب بدولة فلسطين وطالبت بتعزيز حقوق الشعب الفلسطيني. ومن المتوقع أن تستمر المملكة في دعمها للقضية الفلسطينية، سعيًا لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. وصدق صاحب السمو الأمير تركي الفيصل عندما قال حفظه الله: “بينما كانت الاتهامات تتجه الى أن السعودية تقوم بالتطبيع مع إسرائيل كانت السعودية مشغولة بتطبيع العالم مع فلسطين.”

أ.د. أماني خلف الغامدي

جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى