المقالات

عُمّانِي

عبارات مثل: “قال لي عمي”، و”كنت عند عُمّاني”، و”زرت عُمّاني”، و”تسوّقت لعُمّاني”؛ عبارات يوجهها أحدهم للصغير والكبير.

وقد أخبرني بها صديق عن رجل يعرفه، وهو قائل هذه العبارات التي يرددها دائمًا لمن يعمل لديه، رغم فارق السن.

هذا الرجل كان قد أسهم في إيجاد فرصة عمل له لدى رجل ورث ثروة كبيرة، وقد أوصاه قبل أن يبدأ العمل بأن يهتم بعمله، وأن يكون مفتاحًا للخير، مُغلاقًا للشر، ومعينًا له فيما ينفع، وسببًا في رفع حوائج الناس ورغباتهم في العمل؛ فيكون قد أحسن إلى من اقترب منه وخدمه، وسهّل أمور أصحاب الحاجة، وسدّ ثغرات المجتمع.

وحسب قوله، فإن ظنه قد خاب فيه؛ فقد استغل صاحبه ذلك القرب لتحقيق منافع خاصة، والتوسع فيها إلى درجة كبيرة، ولم يوظّف ذلك القرب لمنفعة غيره مما يخدم المجتمع وأمنه؛ بل حرص على أن تعود عليه تلك العلاقة بالنفع الخاص.

ورغم أن أحواله قد تبدلت وتحسنت، إلا أنه نسي ما كان عليه حاله سابقًا.

وقد سألت من حدثني عن علاقة صديقه بربّ العمل ومدى توثّقها، فقال: إنها “سمنٌ على عسل”، وإنهما لا يكادان أن يفترقا، حتى إنه أصبح مستشاره ومرافقًا له كظله، الأمر الذي أثار فضولي، وجعلني أطلب معلومات عن الاثنين، فوجدت أن هناك انسجامًا وتشابهًا بينهما؛ فالأول غير محبوب من أقرب الناس إليه، لسلبيته تجاههم، فلا اهتمام ولا سؤال ولا مساعدة لهم مما أنعم الله به عليه، ولا أحد يذكر له عملاً يُدعى له به، خلاف تفانيه في خدمة “عُمّانه”.

أما الآخر، فهو انطوائي ويميل إلى العزلة، ولم يُوفّق في معالجة بعض الأمور العائلية كما يُشاع.

هنا أدركت صدق القول المأثور:

“الطيّبون عادةً ما ينسجمون مع أشباههم”.

مما جعلني أُشعِر صديقي فأقول له:

لا تذهب نفسك حسراتٍ عليه، فكلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلق له، وهو أمر ينبغي أخذ العبرة منه، وبضرورة أن يعمل الإنسان في حياته بما فيه نفع؛ فالدنيا مزرعة للآخرة.

فالأمور تُقاس عادة بالأعمال الصالحة، والإنجازات، والعمل على إدخال السعادة على قلب كل من عرَف، وليكن المرء إيجابيًا ما استطاع.

وهنيئًا لمن وفّقه الله. والله المستعان.

• مدير شرطة العاصمة المقدسة / سابقًا

اللواء م. محمد سعيد الحارثي

مدير شرطة العاصمة المقدسة - سابقًا

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. موضوع لطيف ويرصد طائفة في المجتمع اتخذت اسلوبا يبعدها عن المساهمة في المجتمع بما انعم الله عليها والاكتفاء بشخص يعتبر بوابة منع وكرسي استرخاء ولو انتفع منه واستمتع بخيراته ولكنه شخص واحد يستنفع وينفع ويمنع
    جعلنا الله وإياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر

  2. اللواء م: محمد سعيد الحارثي
    صاحب الخلق الرفيع والقدر الكبير والسمت الحكيم…
    أعترف بأن هذا المقال الأول الذي أقرأه لك،، وقد رأيت فيه الحكمة والفائدة التي نحتاجها ويحتاجها هذا الجيل.
    زادك الله علماً وقدراً وحكمة.

  3. اللهم وفقنا لكل خير
    واسأل الله ان يوفقك يا ابو هاني لكل خير

اترك رداً على حمد عبدالله السويهري إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى