المقالات

أحد عشر عامًا على البيعة: منجزات وتطلعات

تمرّ علينا هذه الأيام الذكرى الحادية عشرة لبيعة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الملك السابع من ملوك هذه البلاد المباركة، المملكة العربية السعودية، الذي حلّق بالمملكة نحو آفاق جديدة من التطوّر والنماء. فمنذ توليه مقاليد الحكم في 3 ربيع الآخر 1436 هـ الموافق 23 يناير 2015م، تمّ تأسيس العديد من المشاريع الثقافية والتعليمية، التي تهدف إلى تعزيز الجانب الثقافي في البلاد.
لقد شهدت المملكة إنجازات كبيرة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لعلّ من أهمها تطوير البنية التحتية؛ حيث شهدت المملكة في عهد الملك سلمان-حفظه الله- العديد من المشاريع التنموية الكبرى، مثل مشروع نيوم، الذي يهدف إلى إنشاء مدينة اقتصادية ذكية ومتكاملة، ومشروع البحر الأحمر، الذي يسعى إلى تطوير قطاع السياحة في المملكة. ولأنّه-حفظه الله- ركّز حكمه على تعزيز الاقتصاد، فقد أطلق العديد من المبادرات الاقتصادية، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط، وإطلاق برامج لتحفيز الاستثمار، وتعزيز الابتكار، وريادة الأعمال.
و من المنجزات المهمة في هذه المرحلة أيضًا، دعم الثقافة والتراث و تعزيز الهوية؛ حيث شهد عهد الملك سلمان إطلاق العديد من المشاريع الثقافية وربطها بالمشاريع التنموية في المنطقة، مثل مشروع دار الهجرة، الذي يهدف إلى تعزيز التراث الإسلامي والثقافي للمملكة، وتأسيس مشروع الملك سلمان لتوسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي.
وسوف يركّز مقالي هذا على جانبين فريدين: الأول الاهتمام بالثقافة، والثاني: محاربة الفساد أينما كان.
أمّا الجانب الأول فتمثّل في الاهتمام بالثقافة والهوية وما يربط بينهما؛ إذ كان تعزيز الهوية السعوديّة أحد أبرز إنجازات هذه المرحلة، حيث تنبثق من التراث الثقافي وتصبّ فيه، فكان دعم الفنون والثقافة غير محدود، فتمّ إطلاق العديد من المبادرات الثقافية والفنية، إضافة إلى تعزيز السياحة الثقافية المرتبطة بالتراث الوطني. حيث أطلق الملك سلمان العديد من المشاريع التي تهدف إلى تعزيز التراث الوطني السعودي، الذي يوثّق التراث الثقافي والاجتماعي للمملكة، كما دعم المهرجانات والفعاليات الثقافية التي تعزّز القيم الوطنية مثل الانتماء والولاء للوطن، من خلال العديد من المبادرات والبرامج. ومنها أيضًا تعزيز الهوية في اللباس المدرسي الموحّد، الذي يسهم إلى حدّ كبير في زرع الشعور بالانتماء للمرحلة المدرسية، حيث يظهر الطلاب بمظهر موحّد يعكس هوية المدرسة، كما يعكس هذا الزي الهوية الثقافية للمجتمع المحلي، ممّا يعزز الشعور بالانتماء والاعتزاز بالتراث الثقافي، الذي بدوره سيؤثر على تعزيز المساواة بين الطلبة، حيث يقلّل من الفروق الاجتماعية والاقتصادية بينهم. ومما أثمر هذا الاهتمام الكبير بالهوية والجانب الثقافي هو فوز مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية وجائزة افضل حملات تعزيزالهوية الثقافية واللغة العربية وجائزة الشارقة للاتصال الحكومي للعام 2025.
أمّا الجانب الثاني فتمثّل في إنجازات محاربة الفساد والقضاء عليه، والتي تمثلت في القيام بإصلاحات هامة في مسار القضاء على الفساد بكل صوره؛ فتمّ وضع آليات فعّالة لمكافحته، تمثّلت ابتداء بإنشاء هيئة الرقابة ومكافحة الفساد “نزاهة” التي منحت المملكة العربية السعودية مكانة مرموقة في مؤشر النزاهة العالمي. حيث تتمتع الهيئة بصلاحيات واسعة لتنفيذ مهامها بفعالية أكبر في كشف وملاحقة الفاسدين. ومحاسبة المتورطين في قضايا الفساد بإجراءات صارمة دون تمييز أو تسامح، وعبر رسائل واضحة، ممّا يعزّز الثقة في النظام القضائي والرقابي. كما كان من أبرز الإنجازات لهذه المرحلة الميمونة، تعزيز الشفافية والمساءلة إذ هدفت رؤية المملكة 2030 إلى تحقيق الشفافية والنزاهة في جميع القطاعات، من خلال تعزيز الرقابة. وشمل ذلك تطوير القضاء؛ حيث شهد القضاء في عهد الملك سلمان تطورات هامة، مثل تطوير المحاكم المتخصصة، وتحسين إجراءات التقاضي، وتعزيز المصالحة والوساطة كوسائل لحلّ النزاعات. و كلّ هذه الإنجازات وغيرها تعكس التزامًا كبيرًا بالتنمية المستدامة لا توقفها آلة الفساد المدمرة التي تعصف بالمقدرات الوطنية.
ختام القول: إنّ هذه السنوات المباركة منذ تولي والدنا خادم الحرمين الشريفين سدّة الحكم والبلاد تسير في نماء وطني وحضور عالمي أكد على صعود المملكة لمصاف الدول العظمى؛ فمؤشّر النزاهة ومكافحة الفساد كان من أهمّ ما ميّز هذا العهد الميمون، إضافة لتعزيز الهوية السعودية عبر قرارات تتعلق بالثقافة والتعليم، وهي بلا شك ستؤتي ثمارها، وسيكون لها أعظم الأثر في صياغة مستقبل المملكة العربية السعودية.

وإنّنا إذ نحتفل بالذكرى الحادية عشرة للبيعة، أجدها فرصة لتجديد الولاء لملك هذه البلاد المباركة سلمان بن عبدالعزيز والدعاء لله أن يكون عهدًا ميمونًا يسير في اتجاه دعم رؤية المملكة 2030، والعمل على تحقيق أهدافها.

أ.د. أماني خلف الغامدي

جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى