المقالات

هيبة المعلم بين الماضي والحاضر

«طلاليات»

يُعد يوم المعلم مناسبة نبيلة تلتفت فيها المجتمعات إلى أولئك الذين صنعوا العقول، وغرسوا القيم، وعلّموا الناس كيف يفكرون قبل أن يعرفوا كيف يكتبون. إنها بادرة مميزة ومشجعة تمنح المعلمين والمعلمات دفعة للأمام، وتعيد التذكير بدورهم العظيم في صناعة الأجيال وصياغة مستقبل الوطن.

لكن، ومع جمال هذه المناسبة، يظل السؤال مطروحًا: كيف يمكن أن تعود هيبة المعلم كما كانت؟ وكيف نستعيد تلك المكانة الرفيعة التي كان يحظى بها المعلم في زمن مضى، حين كان الناس يرون في المعلم قدوةً ومرجعًا ومصدر فخرٍ واحترام؟
وبين تقدير الأمس وتحديات اليوم
في الماضي، كانت هيبة المعلم راسخة في النفوس، فمجرد مروره في الطريق كان كافيًا لأن يقف التلاميذ احترامًا، وتحرص الأسر على إكرامه وتقديره. أما اليوم، فقد ضعفت تلك الهيبة نتيجة عوامل اجتماعية وإعلامية وسلوكية متراكمة، جعلت من بعض المعلمين يشعرون بأن مكانتهم لم تعد كما كانت.
ولعل أخطر ما أصاب هذه المكانة هو تراجع قيمة الاحترام داخل المجتمع المدرسي والأسري؛ إذ بدأت بعض الأسر تتعامل مع المدرسة والمعلم بروح النقد الدائم لا بروح الشراكة، وضعفت ثقافة “المعلم قدوة” في عيون الأبناء
في رأيي بأن استعادة مكانة المعلم لا تكون بالاحتفال بيومٍ واحد، بل بمنظومة من السلوكيات والسياسات والوعي الجمعي، تبدأ من الأسرة ولا تنتهي عند الوزارة.
ومن أهم ما يعيد للمعلم مكانته:
1. تعزيز ثقافة الاحترام الأسري:
وهي أن تغرس الأسرة في نفوس أبنائها حب المعلم واحترامه، وتُذكّرهم بأنه شريك في تربيتهم، لاخصم لهم
2. دعم المدرسة للمعلم إداريًا ومعنويًا:
بالوقوف بجانبه أمام السلوكيات السلبية، وتوفير البيئة التي تحميه وتشجعه على الإبداع والعطاء.
3. تصحيح الصورة الإعلامية:
على وسائل الإعلام و عليهاأن تُبرز دور المعلم الإيجابي، وأن تبتعد عن تصويره بصورة باهتة أو ساخرة كما تفعل بعض الأعمال الدرامية.
4. وان يكون للمعلم تكريم حقيقي لا رمزي:
ويكون التكريم بتقدير الجهد وتحسين بيئة العمل، لا بالاكتفاء بدرعٍ وشهادة في مناسبةٍ سنوية.
5. إحياء قيمة العلم في المجتمع:
لأنه حين يعود التقدير للعلم،
تعود الهيبة لمعلّمه،
لأن المعلم هو انعكاس حيّ لقيمة العلم في الأمة.
يوم المعلم ليس احتفالًا فحسب، بل وقفة وفاء وتأمل.
فالهيبة التي فقدها المعلم في بعض المراحل يمكن أن تعود حين نستعيد احترامنا للعلم، ونزرع في نفوس أبنائنا أن المعلم ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل هو صانع للعقول، ومهندس للنهضة، وباني للإنسان.
فلنُعد له مكانته، ولنُكرم رسالته، حتى يظل التعليم منارة تضيء طريق الوطن.
واخير
من ديوان احمد شوقي
( قم للمعلم وفه التبجيلا ** كاد المعلم أن يكون رسولا

محمد سعد الثبيتي

طلاليات محمد الثبيتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى