المقالات

لغة الضاد تشتكي بيئات العمل؟!

في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، يحتفي العالم باللغة العربية، وتتفاعل الجماهير افتخاراً في جميع قنوات التواصل ، ونحن في المملكة العربية السعودية نؤمن بأنها ركيزة أساسية من ركائز هويتنا الوطنية، وحاملاً للثقافة والقيم والتاريخ، إذ أنها متجذرة في تاريخنا وإرثنا الحضاري ، وأساس الإفتخار لكل الأجيال، وهي على الدوام عنواناً رئيسياً لحضورنا الثقافي العالمي، ولكن يراودني تساؤل يتجاوز رمزيتنا بالإحتفاء للتفكير بعمق واقعي عن موقع اللغة العربية اليوم في بيئات العمل، حيث تدار الملفات، وتصاغ القرارات، فالملاحظ في بعضها تنامي ظاهرة ربط الاحترافية باستخدام لغات أجنبية، حتى بات الإكثار من المصطلحات غير العربية يدل على أنه مؤشر حذاقة وتميز مهني، وهو ربط لا يقوم على معيار مهني دقيق.
فالكفاءة لا تقاس بلغة الحديث، بل بوضوح الفكرة وجودة الأداء وحسن اتخاذ القرار، واللغة العربية بما تمتلكه من سعة ومرونة ودقة تعبير، قادرة على استيعاب المفاهيم الإدارية والتقنية المعاصرة متى ما أحسنا استخدامها، وتراجع حضورها في بعض المكاتب لا يعكس قصوراً فيها، بقدر ما يشير إلى حاجة لمراجعة الممارسة المهنية وتعزيز الثقة بها، ولا يقف هذا الأمر عند حدود الإعتزاز والإفتخار فقط، بل هو إلتزام وطني ونظامي أكدت عليه قيادتنا الرشيدة على الدوام، من خلال ترسيخ مكانة اللغة العربية لغةً رسمية في المعاملات والعقود والاتفاقيات، إلى جانب المبادرات المؤسسية والبرامج الوطنية التي أعادت التأكيد على دور اللغة في مسار التنمية، ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي جعلت الإنسان وهويته في صميم التحول.
إن الاعتزاز باللغة العربية في بيئة العمل لا يتعارض مع الانفتاح على لغات العالم أو الاستفادة منها، بل يعكس وعياً بالهوية وثقةً بالنفس، فالقائد الواثق يتميز بقدرته الفائقة بلغته، ويحسن التواصل مع الآخرين بلغاتهم، دون أن يتخلى عن لسانه الأول، فالعربية ليست ذكرى نحتفي بها في مناسبة، بل روح نعيشها كل يوم، وحضورها في بيئات العمل هو أبسط أشكال الوفاء للهوية، وأصدق تعبير عن الثقة بالمستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى