المقالات

“ومن هم المفردون يا رسول الله “؟ ..

«جواهريات »

ما لزم المرء الفطن _لدنياه وآخرته _ أمرًا أو حافظ على اكتنازه في قلبه ورطّب به لسانه إلا لعظم شأن ذلك الأمر ، وفي هذا يتجلى فضل الذكر ، جلال استوطن قلب المؤمن وأصبح نهج حياته حتى غدت أيامه عطِرة وأجره عند ربه جزيل.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبق المفردون)
قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: (الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات)
فالذكر من أسهل العبادات وأعظمها أجرًا، وما ذكر العبد ربه إلا لقربه من فؤاده الذي أضحى وأمسى مبتهلًا مرددًا ذكر خالقه في تسبيحه وتهليله وتكبيره وحمده والصلاة على نبيه ،وكل ذلك أعظم منهاج على الإطلاق، ولا شيء يوازي هذا الفعل بأي حال من الأحوال ، فالذكر فيه الأجر الوافر _ بإذن الله تعالى _ وحصن للمرء من الرذائل وصغائر الذنوب إن وقع فيها ، فيكون الذكر لله سبيل إنابة ورجوع إلى ربٍ رحيم بعباده يفرح لعودة عبده المذنب، فكيف بعد هذا الفضل؟
ألا يدفعنا لأن نكون مقبلين على ما يزكيّ قلوبنا ويقربها لربها ويجعلها دائمة الذكر؟
‏لك أن تتخيل كيف تكون هي الحياة ولسانك رطب بذكر الله، ستتحول حياتك من حال إلى حال بعد الذكر والابتهال صبحًا ومساءً لرب الحال والمُحال ، لك أن تتخيل قربك من ربك ولسانك مرددًا وفؤادك مبتهجًا وطريقك ميسرًا لما يرجوه قلبك ابتغاء مرضاة الله، وسيملأ الرضا يومك وأسارير السعد على قسماتك، وتمضي بيقين لدربك الميسر لك بتوثيق حبل الصلة بينك وبين ربك والاعتصام بالله تعالى.
ومادام العبد محبًا لربه راغبًا في أجره فالسبيل لهذا من أيسر السُبل، فكل أمر إذا زاوله المرء مدة من الزمن أصبح عادة، والعادة تصبح ملازمة له وملازمتها تطبع في فعل المرء حتى تصبح بالنسبة له بمثابة الروح التي بين جنبيه، فليجعل المرء ذكر ربه نهج أيامه وهدف دنياه إلى آخرته ،ويجعله جليسه وأنسيه ومذكّره بالله الكريم المنان على عباده .. فحمدًا لله ربي الذي أنزل من العبادات أيسرها وأعذبها على ألسنتنا وأعظمها في صحائفنا .. وقد قال ربنا جل في علاه
( والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا ) فالذكر يكون بالكثرة، والكثرةُ تُجذّر في فؤاد المرء حب الخالق وحب القرب منه تعالى.
ما أعذب اللسان رطبًا بذكر الله، والأيام معطرة جليلة بتمجيد خالقها .. فسبحانك اللهم وبحمدك رضا نفسك وعدد خلقك ومداد كلماتك وزنة عرشك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى