المقالات

مدينة الورد… الطائف تتعطر بأجمل أزهارها

لطائف الطائف (3-5)

الطائف مدينة لا تُعرّف بخريطتها وحدها، بل بعطرها الذي يسبقها، ويعلّق في ذاكرة الزائر قبل أن يلمس الأرض. إنها مدينة الورد، التي لا تزرع الزهر فقط، بل تزرع البهجة، وتُقطّر من بتلاتها ذاكرةً وطنية تعبق بالجمال والأصالة.
في ربيع كل عام، تتحول الطائف إلى حدائق من نور، وحقول من روائح سماوية. تتفتح مزارعها بأكثر من 300 مليون وردة، تُقطف بيد الفلاحين مع أول خيوط الفجر، وتحمل في كل زهرة عبق التاريخ وروح الأرض.
الورد الطائفي ليس مجرد زهرة، بل أيقونة. زهرة خجولة المظهر، ملكية العبق، تحتضنها معامل تقطير تقليدية تُحاكي طقوس الزمن القديم، وتخرج منها أزكى أنواع العطور التي تتهافت عليها بيوت الطيب في الخليج والعالم.
ولأن لكل زهرة حكاية، فإن الورد في الطائف يروي حكاية مدينة تحوّلت من مجرد مصيف إلى رمز للذوق والفخامة. فالزائر في موسم الورد لا يُقبل فقط لالتقاط الصور، بل ليعيش تجربة عطرية بصرية سمعية متكاملة. في كل شارع، تجد وردًا. في كل احتفال، تتزين المدينة بعطرها، وفي كل بيت، تُخزن زجاجة من ماء الورد كذكرى ثمينة.
يقام موسم الورد كأحد أبرز الفعاليات السياحية في المملكة، يحتفي بالفن والتراث، ويجذب الحرفيين وصنّاع الجمال، ويمنح سكان الطائف فرصة لتقديم مدينتهم من زاوية لا يعرفها الكثيرون.
لكن مدينة الورد ليست فقط مهرجانًا موسميًا، بل حالة متجددة. فالورد هنا يعيش مع الناس، في أسواقهم، في عاداتهم، في هداياهم. هو جزء من لغتهم اليومية، وحسّهم الجمالي، وتعبيرهم الصادق عن الامتنان والمحبّة.
الطائف — بزهرها وعبيرها — لا تزرع الورد فقط، بل تزرع أثرًا لا يُنسى في الوجدان.
فمن عرف عطر الورد الطائفي مرة… لا ينسى الطائف أبدًا

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى