المقالات

عصر الأقنعة

ِمحنٌ وفِتَن…
دلفتُ صالون الحكيم،
لا لأتجمّل بالتنعيم،
فسَمّرني على الكرسي،
ونكّس الرأس،
وأعمل في رأسي الأمواس،
ثم بدّل رأيه في ثوانٍ،
فصبغ الوجهَ بالأقنعة والألوان،
ليُخفي النتوءَ القبيحة،
ويحوّلها إلى مفاتن مليحة.

ثم أسقط على مسامعي
حُزمةً من الأسئلة،
ليُكيّف المظهرَ على المخبر، وقال:
ما الفرقُ بين
المقدّس والمدنّس؟
وبين الفهيمِ الحكيم،
والمتعلّمِ البهيم؟
وبين السياسيّ والسائس؟
والمذهَب والمُذهِّب؟
والطائف والطائفيّة؟
والفاجر والتاجر؟
والنائم واليقظان؟
والمستعرب والمستغرب؟

فأرعبني… ورغّبني،
في الرد دون صد،
وفي النطق دون مدّ.

فقلت له:
لو استدعيتَ الأريبَ الأديب،
أبا هلال العسكري، صاحب «الفروق اللغويّة» الجلي،
لأصابَه العجزُ
في التوضيح والتلميح،
في عصرٍ تتوالد فيه
الكوارث والفتن،
وتتفجّر فيه المحن،
سادت فيه
جنايةُ الإعلام،
وخيانةُ الأقلام،
وتُحاك فيه المظالمُ في الظلام،
لينتصب تمثالُ المتاجرين بالسياسة والدين،
وتتكاثر زُمَرُ الفساد،
كأنها فُطرياتٌ في البلاد.

فقمتُ…
لا أناقش، بل أُناجي.
أدعُو ربَّ الخلق والكون،
بالأمن في البلاد، وإنقاذ العباد،
ونبذ الأحقاد من الأجساد،
وغرس النفس بروح
التسامح والتصالح،

ورفع الحس والوجدان،
بعشق وفداءٍ للأوطان،
من فوق المآذن والصُّلبان،
في بلاد الشام، ولبنان،
والرافدين، وتونس،
واليمن، والسودان،
وبلاد العرب والإسلام،
حيث تُذبَح القيم
وتُصلب الأحلام.

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى