مبادرة “مجسم وطن” التي تنظمها – مشكورة ومقدَّرة – مجموعة الفوزان لخدمة المجتمع، وتُدشَّن كل نسخة منها في اليوم الوطني، تُعَد نموذجًا ملهمًا للعمل المجتمعي المبدع. هذه المبادرة ليست حدثًا وحيدًا في سجل المجموعة، بل هي واحدة من عشرات المبادرات التي قدمتها مجموعة الفوزان في مجالات متنوعة لخدمة الوطن والمجتمع، مما يعكس التزامها الراسخ بالمسؤولية الاجتماعية ودعم التنمية.
وقد ساهمت مبادرة “مجسم وطن” في تجميل الدوَّارات، وأضفت لمسات فنية تعكس الموروث السعودي، إلى جانب كونها فرصة لتشجيع الفنانين والمهندسين على الإبداع، ونافذة لرجال الأعمال للمشاركة في تطوير حاضرة الدمام.
لكن، ورغم هذه الإيجابيات، هناك ملاحظات تستحق التأمل لضمان استمرارية الأثر الإيجابي. فرجل الأعمال الذي يتكفَّل بتكاليف المجسم، يحصل في المقابل على مساحة دعائية واسعة، عبر لوحة عريضة تحمل اسم عائلته أو شركته على جوانب الدوار، بينما يهمل غالبيتهم صيانة المجسم والموقع بعد السنة الأولى، فيتلاشى جمال العمل بمرور الوقت، بينما يبقى الاسم لامعًا أمام العابرين.
فمن الإنصاف أن يقترن التقدير باستمرارية الصيانة، لا بموسم واحد من البريق.
بعض التصاميم في النسخ السابقة جسَّدت معاني كبيرة عن قصص وطنية ملهمة نعتز ونفتخر بها. وكلنا يتطلَّع في النسخ القادمة لأن تكون إحدى الجوائز لتصميم يحاكي هوية المدن الساحلية، فهي فرصة أن تكون أكثر التصاقًا بروح المكان، مثل متعلقات الغوص أو السفن أو شباك الصيد. وليكن ذلك مكمِّلًا للنجاحات السابقة، مثل فكرة “البيرق” الذي يعبر عن الوحدة والانتماء الوطني تحت راية خفاقة، وأيضًا “طموحنا عنان السماء” المأخوذ من مقولة سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – يحفظه الله – وميدان العرضة، والسيف الأجرب، وغيرها من المعالم الوطنية التي نعتز بها.
إن “مجسم وطن” فرصة ذهبية لدمج الفن بالهوية، وتقديم نموذج مستدام للشراكة بين المجتمع ورجال الأعمال، وتأصيل الموروث السعودي.
والنجاح الحقيقي يكمن في أن يبقى الجمال حاضرًا طوال العام، شاهدًا على العطاء، لا مجرد ذكرى مؤقتة لافتتاح احتفالي.
ولكم تحياتي

