لعل الجميع قرأ وتابع ما نُشر عن اعتقال ثلاثة من السعوديين في باكو، العاصمة الأذربيجانية، بتهمة الإساءة لقبور شهداء الدولة الذين سقطوا في الحرب مع أرمينيا. وقد تألمت، كغيري من المواطنين، عندما شاهدت الشرطة الأذرية وهي تقتادهم، فالمنظر بالتأكيد لا يسر أي سعودي.
لن أدافع عن الشباب الذين تم القبض عليهم، فالخطأ الذي ارتكبوه استنكَره الكثير ممن قرأوا الخبر وتابعوا المشهد. وأتفهم أن تصرف الشرطة، وإن كان مُذلًا، إلا أنه أفضل من أن يتحرك بعض الأذريين للنيل منهم كردة فعل لا نعرف مداها.
هؤلاء الشباب لم يُقدّروا حجم الخطأ الذي ارتكبوه، والذي هدم كثيرًا مما بناه غيرهم من السعوديين الذين تركوا سمعة طيبة عن المواطن السعودي. فالمواطن هناك لا يعرف أسماءهم، بل يعرف فقط أنهم سعوديون. وكلنا نعلم أن البناء يستغرق سنوات، بينما الهدم لا يحتاج إلا إلى تصرف بسيط غير محسوب من صاحبه.
في الكثير من دول العالم هناك قوانين وأحكام تتصدى للتجاوزات على الرموز والمواقع التاريخية وحتى التماثيل. فعلى سبيل المثال، فإن القانون في أمريكا وبعض دول أوروبا، بما فيها بريطانيا وأستراليا والبرازيل والصين، يُجرّم التعدي أو إهانة المعالم والرموز ونُصب الجندي المجهول. ولا يُستثنى أحد من تطبيق القانون عندما يرتكب مثل هذه التصرفات.
وإذا كنتُ ضد كل ما يسيء إلى الآخرين في مختلف دول العالم، وأرفض تصرفات بعض السعوديين عندما يسافرون للخارج، فإن من العدل الإشادة بالمواطنين السعوديين الذين ذهبوا إلى ممشى الشهداء في العاصمة الأذربيجانية، ليضعوا الورود على الممشى الذي شهد الحادثة، كتأكيد منهم على احترام المواقع التي يعتز بها الشعب الأذري.
كما أتمنى على الشرطة هناك أن تقبض أيضًا على من تلفّظ بألفاظ نابية بحق شبابنا عندما كانت الشرطة تنقلهم إلى مركز التوقيف. فقد كان الصوت واضحًا، والكلمات غير مقبولة، والوجوه وأصحابها واضحة.
ولكم تحياتي.

