المقالات

القدوة الحسنة

القدوة الحسنة هي المنارة التي تضيء دروب الأجيال، وليست مجرد فكرة عابرة، بل أساسٌ يقوم عليه المجتمع، يرفع من قيمه، ويُرسِّخ مبادئه. وأعظم قدوة لنا على مرّ العصور هو نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جسّد المثال الأكمل في القول والعمل، فاقتدى به أصحابه رضوان الله عليهم، ثم من بعدهم التابعون. وقد كان صلى الله عليه وسلم يقتدي بإخوانه الأنبياء من قبله، متبعًا ملّة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، حنيفًا مسلمًا، فكان إبراهيم قدوة الأنبياء من بعده، ومجسدًا لمعنى الحنيفية والإسلام، إمامةً في القول والخلق والسلوك.

وفي حياتنا العملية، نجد أن المدير قدوة لمن يعمل تحت إدارته، فتكتسب بيئة العمل منه التشجيع والاحترام؛ والمعلم قدوة لطلابه، فينهض بهم إلى القمم بعلمه وخلقه؛ والأب قدوة لأسرته، فيُهتدى به إلى الصدق والإخلاص. فكل موقع مسؤولية هو في حقيقته فرصة لتأسيس نهج يقتدي به الآخرون، فيصغي إليه القلب، ويتبعه الصغير والكبير.

وعليه، فإن الأجيال – الحالية والقادمة – مطالَبة باختيار قدواتها بحكمة، إذ ليست القدوة من يشغل منصبًا أو مكانة اجتماعية فحسب، بل من يترك أثرًا إيجابيًا ملموسًا في مجتمعه وحياته اليومية. فالمجتمعات لا تنهض إلا إذا تسلّحت قدواتها بالخلق القويم، والتقوى، والعمل الصالح، حتى تُروى النفوس من معينهم الصافي، وتُخلَّد مسيرتهم في ذاكرة الأمة.
*أ.د. عوض بن خزيم الأسمري*

أ.د. عوض بن خزيم الأسمري

رئيس جامعة شقراء، عضو مجلس الشورى السابق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى