للوالدين مكانة عظيمة في الإسلام، حيث يُعتبران مصدر الحياة وسببها، وهما منبع الحنان والرحمة. لذلك جعل الله تعالى برّ الوالدين من أعظم القربات وأهم الواجبات. ففي القرآن الكريم، أوصى الله عز وجل بالإحسان إليهما، وأكّد على ضرورة طاعتهما والاعتراف بفضلهما.
إن الوالدين هما اللذان بذلا الغالي والنفيس، وتحمّلا المشاق والتضحيات لتوفير بيئة آمنة ومطمئنة لراحة أبنائهما.
وإن احترامهما وتقديرهما ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو تعبير عن الفطرة السليمة التي تدعونا إلى ردّ الجميل والاستجابة لنداء الرحمن، حيث قال سبحانه:
﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾
وبالرغم من أني لم أكتب الشعر قط، إلا أنني وجدت نفسي أكتب أبياتًا في رثاء سيدتي الوالدة – رحمها الله – استعرضتُ فيها صورًا من أسلوب تربيتها لنا وحرصها على أن نصل أرحامنا القريبة والبعيدة.
بعض الأبيات:
أماه يا بحر العطــــــــــا
أماه يا أحلى جبــــــــــين
أماه زلزلني الأســــــــــــى
لفراقكم لو تسمعـــــــــين
كم كنتِ يا أماه هاديـــــةً
طريقَ المهتديــــــــن
كم كنتِ يا أماه توصـــــــينا
بألّا نستكـــــــــين
لمعونَةِ الرَّحِم القريـــــــب
ووصلِه في كلِّ حــــــــــــين
ونظرتِ للرحم البعيــد
فكنتِ نعم الواصلـــــين
وختمتها بقولـي:
ما كنتِ ترضين الضغيـــنةَ
بيننا أو تسخطين
ماكنت إلا كوكبا
ينير درب السالكين
يجزيك ربي جنة
عند قيام العالمين
وبعد وفاة سيدتي الوالدة بأقل من عام، لحق بها سيدي الوالد – رحمه الله – فكتبت فيه أبياتًا عرضتُ فيها صورًا من تربيته التي جمعت بين:
• الحزم الذي ميّز منسوبي القطاع العسكري (إذ كان ضابطًا في الجيش).
• اللطف الذي يعكس شخصية الإنسان السوي.
فكانت هاتان الكلمتان مفتاح شخصيته – رحمه الله.
ومن الأبيات:
يذوب القلب من أمرٍ دهانــــي
بفقد أحبتي نبع الحنانِ
ودنيا المرء، هل فيها هنــــاءٌ
يدوم لواحدٍ عبر الزمان؟
سقى الله الصبا قد كنتُ فيه
كعصفورٍ يُغرّد في الجنان
بروضةِ والدي لمّا بناهـــــا
نظيفَ القلب من غلَطِ اللسان
يداعبني أبي ويزيد أنســــي
بتوجيهي إلى نُبل المعانــــي
وأما القمّةُ العُظمى فأمي
فيا لله كم كانت تعانــــــي
وبعد يومين، شعرت أن في صدري معاني لم تعكسها الأبيات السابقة، فأكملتها بأبيات كان آخرها:
جزاكَ الله عنّا كل خيـــــــــرٍ
وبلّغكَ المنى أعلى الجنانــــي
هناك السيدة المعطاء أمي
زعيمة كل خيرات حسان
فجزاهما الله عنّا خير ما يُجزى والدان عن أبنائهما وبناتهما
• أكاديمي سابق





