المقالات

العهد الجديد… حضور وثبات

تثبت المملكة العربية السعودية يومًا بعد يوم أنّها دولة ذات وزن سياسي واقتصادي وروحي لا يمكن تجاهله، وأن حضورها الدولي يزداد رسوخًا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وفي هذا الإطار جاءت زيارة ولي العهد إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتشكّل محطة بارزة تعكس قوة المملكة وهيبتها، وما تحظى به من تقدير واحترام على مستوى العالم.

لقد ظهر جليًا خلال الزيارة أنّ السعودية اليوم شريكٌ استراتيجي رئيسي في المنطقة والعالم، وأن ثقلها الاقتصادي والسياسي يجعلها عنصرًا محوريًا في صياغة التوازنات الدولية. وقد عبّر الاستقبال الرسمي الذي حظي به سموّه عن مكانة المملكة في نظر الولايات المتحدة، وعن إدراك المؤسسات الأمريكية—التنفيذية والاقتصادية والتشريعية—لحجم الدور السعودي في مجالات الأمن، والطاقة، والاستثمار، والاستقرار الإقليمي.

وقدّمت الزيارة رسالة واضحة مفادها أنّ السعودية العظمى تمضي بثبات نحو المستقبل، وأنّ رؤيتها الاقتصادية التي يقودها سمو ولي العهد تجعلها في مقدمة الدول الساعية لصناعة اقتصاد قوي ومتنوّع قائم على الابتكار والاستثمار واستدامة النمو. كما أعادت الزيارة التأكيد على أنّ المملكة تمتلك قاعدة تقدير واسعة داخل الولايات المتحدة، انطلاقًا من قيمتها الاقتصادية ومكانتها الروحية بوصفها قلب العالم الإسلامي.

إنّ الحضور السعودي الراسخ ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لما أرساه الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن—رحمه الله—حين بنى دولة تجمع بين القوة والأمن وخدمة الإنسان. وقد واصل الملوك من بعده تعزيز هذا النهج، وصولًا إلى عهد الملك سلمان الذي أثبت قدرة استثنائية على قيادة البلاد في مرحلة مليئة بالتحديات العالمية، محافظًا على ثوابت الدولة وهويتها وعمقها ومكانتها العربية والإسلامية.

وفي الجانب الإنساني، ظلّت المملكة في مقدمة الدول المانحة من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة، مؤكدةً رسالتها الإنسانية التي شكّلت عبر التاريخ أحد أعمدة سياستها الخارجية. كما حافظت المملكة على موقف ثابت في دعم القضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وعلى دور فاعل في نشر الاستقرار وتعزيز الحوار بين الدول.

اقتصاديًا، تواصل المملكة صعودها كقوة مؤثرة في مجموعة العشرين، وكركن أساسي في أمن الطاقة العالمي، مستندةً إلى مشاريع التحوّل الوطني التي أطلقتها رؤية 2030، وإلى بيئة استثمارية تُعدّ من الأكثر جذبًا ونموًا في المنطقة.

لقد أكدت زيارة ولي العهد للولايات المتحدة أنّ المملكة اليوم دولة صانعة للتأثير وليست متلقية له، وأن سياساتها تجمع بين الثبات والمرونة، وبين القوة والاعتدال، في معادلة نادرة تُبرز مكانتها كقوة عربية وإسلامية وعالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى