لقاءات رمضانية

صبّاغ : الأمير فيصل بن فهد استثنى عضويتي في نادي الوحدة

 

(مكة) – حوار عبدالرحمن عبدالقادر الأحمدي
تواصل صحيفة مكة الإلكترونية لقاءاتها الرمضانية ، والإلتقاء بعدد من الشخصيات المجتمعية الفاعلة لنستعيد معهم ذكريات الماضي وبداياتهم العملية في تلك الحقبة الزمنية الهامة .
ضيفنا اليوم الأستاد عبدالرحمن بن محمود صبّاغ  ، نتعرف معه على بعض الجوانب من حياته العملية.
-في البدءنتعرف على ابن مكة المكرمة.
– اسمي..عبدالرحمن بن محمود عبدالغني صبّاغ ..من مواليد مكة المكرمة في عام ١٣٧٤هـ بحي أجياد ..ابن الصراف محمود صبّاغ -رحمه الله وغفر له-من أقدم الصيرفية حول الحرم وبعد تنظيم الصيرفة أصبح يحمل رخصة رقم ( ١ ) من مؤسسة النقد ..وابن صاحب الأوائل ممن أقاموا فنادق بمكة المكرمة ” فندق شبرا باجياد”-مكانه الآن الصفوة -“وفندق الحرم بالهجلة” -مكانه الآن مشروع شركة مكة-.
-في أي حارة كانت نشأتكم؟
– ولدت و ترعرعت وكبرت في حارة أجياد تحت جبل القلعة بيتنا كان في رأس زقاق المسكي وكانت واجهته محل صرافة الوالد موقعة الآن هو باب الملك عبدالعزيز (باب الملك سعود سابقاً ).
-أين تلقيتم تعليمكم؟
– الابتدائي ..في المدرسة المنصورية الابتدائية في بداية طلعة جبل المصافي موقعها الآن( فندق أجياد مكة) الإعدادي
في مدرسة خالد ابن الوليد المتوسطة في بداية بئر بليلة موقعها الآن ( فندق الشهداء )..الثانوية في المدرسة العزيزية الثانوية بالعزيزية (حوض البقر سابقاً ) ..
الجامعة..بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية جامعة القاهرة ومن ثم إكمال الدراسة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة..ما جستير سياحة وفنادق من كلية السياحة والفنادق مجموعة دورات في السياحة والفندقة في بريطانيا وجدة ..
– ماذا تبقى في الذاكرة من أحداث عشتم معها عراقة الحارة؟
– لم يبقى جميلاً في الذاكرة إلا عراقة الحارة الساحرة الفطرية العفوية المبنية على معرفة الواجب والأصول وتربية الرجال.. ونحن صغار كانت منتهى سلوتنا أن نخرج بعد العصر إالى قبل صلاة المغرب للعب في طلعة جبل الكعبة! مع أولاد الجيران وبقية الحارة.
– في مرحلة الطفولة العديد من التطلعات المستقبلية ماذا كنتم تأملون في حينها؟
تطلعات صغيرة بحجم طفولتنا وسذاجتها وعفويتها .. تلك الأيام كانت الأمور أبسط من التطلعات .. كنا ننتظر ايّام الحج والحجاج والبسطات..ومركاز المطوفين أوالبرزه ورائحة المعمول المخبوز وسماع تلبية الحجاج ليل نهار وهم ذاهبون للحرم وعائدون منه..متعتنا كانت عندما نلتم في غرفة واحدة ونؤجر بقية بيتنا للحجاج وكان هذا دأب كل بيوتات مكة في تلك الفترة !..ونختلط معهم بثقافاتهم ونوعية أكلهم وعاداتهم وتقاليدهم ..ومن بعد الحج نتطلع لطلعة الطائف والمكوث هناك أشهر؛لحر مكة الله يعمرها .
– تربية الأبناء في السابق بنيت على قواعد صلبة ماهي الأصول المتعارف عليها في ذلك الوقت؟
كانت التربية سهلة لأن كل أهل الحارة مشتركون في التربية .. البيت يربي والشارع يربي وكبير الحارة يربي والجيران يربون معك على الواجب والأصول واحترام الكبير ورحمة الصغير واحترام الأخ الكبيروالرجل الكبير واحترام الذي يصير والذي لايصير في البيت وخارج البيت .. وفي البيت احترام ( إستيته )- الأخت الكبيرة- وطبعاً تاج الرأس الأم لها ومالها من مكانة وحب وتقدير.

– في تشكيل صفاتكم ساهمت الكثير من العادات والتقاليد المكية في تكوينها ما أبرزها؟
أسهمت عراقة العادات والتقاليد في غرس كثير من السلوكيات والأخلاقيات السامية في أنا وفِي الكثير ممن عاشوا تلك الفترة تعزيز الرجولة وحرمة الجار والوقوف عند الواجب والأصول والشهامة احترام وتبجيل الكبير إذ كنت تعرفه أو لاتعرفه.

 

-الأمثال الشعبية القديمة لها أثر بالغ في النفس..ماهي الأمثال التي لا زالت باقية في الذهن؟ ولماذا ؟
– يانحلة لاتقرصيني مابغى لك عسل ..
– عوم وأحرس ثيابك ..
– عين الرضى عن كل عيبٌ كليلة وعين السخط تبدي المعايبُ .. !
– الجار جار وإن جار ..
– الحياة الوظيفية..أين كان لشخصكم القدير أولى محطاتها وآخرها؟
– نحن عائلة مكية تجارية ليس لكثير من أفرادها وظائف حكومية .. لم يأخذ والدي من والدهُ ( جدي ) رحمهم الله وغفر لهم مهنة الصباغة..! ولكن أتجه رحمه الله للتجارة فكان له دكان يبيع سكر وشاهي في برحة بن عباس في الطائف .. في فترة الطائف زمن عندما كان يستفتح وجاره لم يستفتح بعد ويجئ له زبون آخر يرسله لجاره ويقول اذهب لجاري اشتري منه لأنه لم يستفتح بعد!ويعمل في الصرافة في الفترة المكية من رمضان إلى مابعد الحج..وبدأ أيضاً بإنشاء أول فندق وسماه فندق شبرا تيمناً بأجمل بمنطقة حي شبرا الذي كان به قصر الملك عبدالعزيز-يرحمه الله- وأصبح فيما بعد ديوان الملك فيصل-يرحمه الله- بالطائف ببرحة ابن العباس..وتلتها سلسلة فنادق في مكة المكرمة والمدينة والطائف..وقد اكتسبت خبرةكبيرة بإدارتي بجانب والدي والدي رحمة الله لتجارته..فحياتي العملية كانت ولاتزال في تجارة العائلة في مجال الفندقة مع الوالد رحمه الله سابقا ولاتزال إلى الآن ولله الحمد.
-شهر رمضان وشهر الحج من المواسم الدينية والاجتماعية المميزة حدثنا عنها.
– موسم الحج وأيامه ولياليه وحجاجه ومشاعرة وشعائره لها عبق ورونق ورنين خاص يهز القلب ويأخذك لحنين اختلاطنا بالحجاج وعائلاتهم وانبهارنا بعاداتهم وثقافاتهم من نزلاء فنادقنا او باحتكاكنا معهم في كل مكان ..تكونت علاقات جيدةمع بعضهم مستمرة إلى يومنا هذا .. وكان تصريح خاص من الداخلية بتصعيد الحجاج إلى عرفات في شارع ٦ ومنى كان لنا مبنيان الأول أمام الجمرة الصغرى في سوق العرب والثاني كان في شارع الجوهرة .. عبق ورائحة عبير الصوم في تلك الأيام علق في كل ذرة في جسمي ..!
بسطات البليلة .. والصوم من وراء الزير .
-تغيرت أدوار العمد في الوقت الحاضر وأصبحت محددة..كيف كان سابقا دور العمدة في في الحارة ؟
– كبير الحارة.. مُربي .. مصلح اجتماعي .. مطلع على أسرار أهل الحارة ! ويستر ويعطي ويتغافل ويشد ويرخي ويوجه .. موفق رؤوس بالحلال .. عين أهل الحارة في الداخل والخارج والغرباءعلى الحارة.

-القامات الاحتماعية من تتذكرون منها والتي كان لها الحضور الملفت في في الحارة ؟
والدي رحمه الله محمود بن عبدالغني صبّاغ .. عمدتنا عّم طاهر بغدادي الله يرحمه ..عم صالح خصيفان الله يشدة بالصحة والعافية ومن قِبَلِه والده عم طه رحمه الله كانوا في طلعة جبل قبيس ( موقعة الآن فندق الضيافة القصور الملكية )..عم علي جمّال.. عم عبدالرحمن وعبدالغني مالكي..سراج كعكي.. وغيرهم كُثُر رحمهم الله جميعاً ..
– هل تتذكرون موقف شخصي حصل لكم ولن تنسوه ؟
رجعت من السفر ومن المطار ذهبت لبيت الوالدة ..ووجدتها مريضة وتريد الذهاب للمستشفى ..دخلت عليها وهي واقفة مستندة على الجدار مسكتها فسقطت علي وسقطت معها على الأرض ووضعتها على فخذي فأرسلت ولد أختي حسن شطا ، لكي يأتي بطبيب جاء الطبيب وكشف عليها وهي لاتزال على فخذي ..
وبعد الكشف عليها قال لي البقية في حياتك ..عندها صدمت من الموقف الرهيب الذي انا فيه رحمها الله وغفر لها.
– المدرسة والمعلم والطالب ثلاثي مرتبط بالعديد من المواقف المختلفة..هل تعرفونها على بعض منها؟
– إذا كلٌ قام بدوره بإخلاص وإحسان استقامت الأمور وكانت المخرجات جيلاً طيب الأعراق..كنت في الابتدائية ولقصر قامتي فأجلس في الماصات الأولى في الفصل .. وكانت لأستاذ الجغرافيا وكان يجلس على كرسي أمام ماصتي وخلفه السبورة فتحركت السبورة من مكانها وقبل أن تسقط على الأستاذ صرخت بأعلى صوتي لتنبيه الأستاذ فمسكها بيده قبل أن تقع عليه..فأنقذت حياته بصرختي في حين لم يتحرك أو يصرخ أي طالب آخر في الفصل .. منحني المدير والأستاذ شهادة شكر احتفظ بها إلى الآن.
-كثرت وسائل الإعلام في الوقت الحاضر وأصبحت مرافقة مع الناس في كل مكان..ماهي الوسائل المتوفرة لديكم في ذلك الوقت؟
– لايوجد أية وسيلة للتواصل في تلك الفترة غير الهاتف وأتى متأخراً وليس كل أحد عنده تلفون.. فكانت عندنا أجمل وأحلى وأوقع وسيلة تواصل وهي: التواصل الشخصي والزيارات الشخصية المقدرة والمحببه والمؤثرة .. وكنا نحن
صغار العائلة نعتبر وسيلة تواصل للعوائل الأخرى لو هناك أي طلب أوطارئ ( تسلم عليكم أمي وتقول لكم اتفضلوا عندنا اليوم أو أمي تبغى تجيكم أو ايش طابخين ) ..فلغةالجسد أرقى وأجمل وسيلة تواصل .

 


– تظل الأفراح محطات جميلة لاتنسى في الحارةماذا تتذكرون من تلك اللحظات السعيدة؟
الأفراح والليالي الملاح في تلك الفترة.. ممكن فرح أخي يوضح ما كانت عليه كان فرح 7 أيام بلياليهن .. بيتنا كان للحريم وأعطونا الجيران ييتهم للرجال.. قائمين قاعدين أكلين شاربين تباسي فطور تروح وسفر غداء وعشا تفرش..الجيران والحبايب كلهم مجتمعون في سهر وفرح وسرور وطرب في الليل.. وليلة الحنا.. وليلة الغُمر..بليلة الدخلة.. والصبحية وبعدين الزلابية، وأذكر المملك كان السيد محمد علوي مالكي رحمه الله.
-الأحزان في الحياة سنة ماضية.. كيف كان لأهل الحارة التخفيف من وقعها؟
– كل أهل الحارة والجار الجُنب كلهم يكونون بلسمً شاف يضمدون به أحزان بعضهم البعض بصدق وحب وتفاني ..
ويتجلى ذلك في مصيبة الموت ..
– الأحداث التاريخية الشهيرة في حياتكم والتي عايشتها..هل تتذكروها.. وما الأبرز من تفاصيلها؟
– هناك الكثير ..ولكن أبرزها وأشهرها قيامي بالسهر والإشراف على خدمة وراحة الأمراء سلطان ونايف وفواز ومعهم ثلة من الأمراء وكبار مسئولي الدولة اثناء مكوثهم وسكنهم عندنا في فندق شبرا بأجياد لمدة ١٥يوما في محرم ١٤٠٠هـ وذلك أثناء أحداث الحرم(جهيمان)، وموقف شخصي آ خرعندما رشحت لعضوية مجلس إدارة نادي الوحدة في ١٣٩٨-١٤٠١ هـ في إدارة عبدالقادر كوشك امين العاصمة المقدسة رحمه الله .. كان عمري في ذلك الوقت لايسمح النظام لي بتولي عضوية مجلس الإدارة .. فرفع الأمر لرئيس رعاية الشباب فيصل بن فهد فتم استثنائي من عامل العمر وكانت سابقة في ذلك..! واستمرت عضويتي للإدارة التالية التي كانت برئاسة طارق القصبي في ١٤٠٢-١٤٠٥هـ .
-ماهي أشهر الألعاب الشعبية التي اشتهرت بها حارة أجياد ؟
– البرجون..والمدوان..جنط كفر الدراجة..
ولعبة المزمار مشهورون بها حارة أجياد وأشهر حادثة كانت عندما قتل ولد المسكي من قبل أبوالريش حينما كانوا يلعبون المزمار أذكر هذة الحادثة كانت ايّام الملك فيصل.
-لو كان الفقر رجلا لقتلته مقولة عظيمة لسيدنا علي رضي الله عنه..هل تروون بعضا من قصص الفقر المؤلمة؟
– كانت متطلبات الحياة بسيطة والنَّاس ستر وغطى على بعض ! ..كانت قلة ذات اليد وللفقر قصص كثيرة .. كان الوالد يقول ايّام الحرب العالمية كانت المياه عزيزة والحصول عليها صعب وكانوا يشاهدون الدود يتحرك داخل الزير ويضطرون لشرب الماء..! وكانوا لايجدون حطب وخشب فيولعوا النار ببعر الجمال .
-ماذا تودون قوله لسكان الحارة القديمة؟
– أقول لهم تعالوا وأنظروا كيف صارت الحارة وسكانها..؟ تحو لت الحارة إلى حي .. ومخططات .. وصار أهل الحي لايعرفون بعضهم البعض حتى الجيران لايعرفون بعضهم البعض .. !.
– رسالة لأهل الأحياء الجديدة.. وماذا يعجبكم الآن فيهم؟
– لاتعرفوا كل من في الحي لربما لكبر المخططات وأحيائها .. ولكن على الأقل اعرفوا وتعرفوا على الجار الجُنب ..
– كيف تقضون أوقات فراغكم في الوقت الحالي ..؟
– لاأعتقد ان هناك شخص في هذة الأيام لدية وقت فراغ .. وذلك بوجود وسائل التواصل الاجتماعي وتعددها .. التي أكلت واستولت على كل الأوقات ..!
– لو عادت الأيام ماذا تتمنون ..؟
– مرت الأيام ولن تعود ولكن لو عادت ليس أجمل من مراجعة الحسابات الخاطئة ويستفيد الواحد من أخطائه وسقطاته!.
– ماذا يبكيك في الوقت الحاضر .. ؟
– تفشي المخدرات ..فقد الجيل الحالي لاحترام الجيل السابق .. إهمال اللغة العربية من الجيل الحالي .. تعلق هذا الجيل بثقافة ولبس وأكل الغير ! .
-ماذا تحملون من طرف جميلة في دواخلكم؟
من الطرائف ..ماكان يحصل عندما كان ولي أمرنا يذهب بنا في أول يوم للمدرسة .. يقول لمدير المدرسة ويكون ممسكاً بابنه ليسلمه لهم .. يقول لهم :- هذا الولد لكم اللحم ولنا العظم ..!.
– لمن تقولون لن ننساكم .. ؟
– أبي وأمي رحمهم الله وغفر لهم واسكنهم فسيح جناته.
– ولمن تقولون ماكان العشم منكم؟
– من الجيل الحالي ..!.
-التسامح والعفو من الصفات الإنسانية الراقية..تقولون لمن سامحونا..وتقولون لمن سامحناكم؟
أقول سامحونا .. لكل من أسأنا إليهم بقصد أو بغير قصد .. وأقول سامحناكم ..
لكل من أساء لنا بقصد أو بدون قصد ..
– في ختام لقاء ابن مكة المتاع ماذا ترغبون الحديث عنه ؟
– أهيب بالصحفي الفذ الأستاذ عبدالرحمن الأحمدي لحسن اختيارة للموضوع.. ؛لإبرازحياة أهل أول الجميلة ليستفيد منها هذا الجيل الذي بعُد وذهب بعيداً عنا وعنها..! وأقدر فيه حسن ظنه بمن اختارهم ليكونوا ضيوف حلقاته الماتعة .
أكرر شكري وتقديري واحترامي .
مع قبول وافر تحياتي .

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ماشاء الله لاقوة الابالله…
    لقاء موفق وضيف خفيف الضل.

    الحياة زمان كانت اجمل على الرغم من قلة الامكانيات وصعوبة الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى