المقالات

ميزان الإدارة والقيادة

القيادة والإدارة من المصطلحات التي يكثر الحديث عنهما وكثيرًا ما يتم سرد الفروقات بين من يمتلك شخصية القائد أو المدير؛ وبخاصة عند الحديث عن الصفات التي تميز الشخص الذي يتربع على قمة هرم الإدارة في أي منظمة من منظمات القطاعين العام أو الخاص، وفيما يلي سوف نستعرض بعضًا من تلك الفروقات بين مصطلحي الإدارة والقيادة، وكذلك سلوكيات كل من المدير والقائد؛ مستشهدين بآراء بعض المختصين في هذا المجال.

• الإدارة وظيفة أو منصب أما القيادة فهي سلوك ومواقف. فالقائد يعمل كربان السفينة الذي يحاول الإبحار بسفينته وسط أمواج عاتية حريصًا كل الحرص على تأمين حياة وسلامة الركاب، بل ويحرص على أن يقدم لهم كافة وسائل الراحة حتى يرسو بسفينته على شاطئ الأمان، بينما يعمل المدير الفاشل كقرصان يحاول أن ينهب أثمن ما تحمله السفينة ثم يرحل بعد أن يغرقها بجميع ركابها.

• يقول أليكسندر دين هيجير: عندما أتحدث إلى مديرين أشعر أنهم مهمّون، وعندما أتحدث إلى قادة أشعر أنني مهم. ويقول العبد الفقير إلى الله عندما تذهب إلى مسؤول للتحدث معه عن مشكلة ما؛ فتجده يتحدث أكثر منك بل ويقاطعك ويقول لك: (لا تكمل أنا أعرف ماذا تريد أن تقول!!)، عندها اعلم أنك أمام مدير فاشل، أما القائد فهو الذي عندما يطلبك للتحدث معك حول موضوع ما؛ ثم تجد نفسك أنت الذي تتحدث أكثر منه، بينما هو يصغي إليك تمامًا ولا يكاد يتكلم إلا في النادر من الوقت.

• ذكر السيد جاك ويلش الرئيس التنفيذي الأسبق لجينيرال إلكتريك أن القائد الناجح هو شخص يستمتع بنجاح موظفيه وترقيتهم ومكافأتهم، ويحرص على خلق بيئة عمل ممتعة وصحية لموظفيه، بل ويصف دور القائد كعامل النظافة الذي ينظف الملعب ويزيل الشوائب والعوائق ليتمكن اللاعبون من الركض واللعب في المضمار وتحقيق الميداليات والجوائز، ويقول العبد الفقير إلى الله أن المدير الفاشل يكره نجاح موظفيه ويسعى إلى تعطيل ترقيتهم ويجتهد في معاقبتهم، ويحرص على خلق بيئة عمل متعبة وسيئة وطاردة، وأستطيع أن أصف دور المدير الفاشل بعامل النظافة الذي يعمل على جمع الشوائب والعوائق؛ ليعيق بها الموظفين عن الركض في مضمار العمل وتحقيق النجاح والتفوق الوظيفي؛ مما يدفعهم للفرار خارج المنظمة والبحث عن بيئة عمل أخرى أكثر أمانًا وجاذبية.

• سُئل أحد الخبراء عن تعريف القيادة؛ فقال: كلمة القيادة تشبه كلمة الجمال، فالجمال لا تستطيع تعريفه، لكنك تستطيع التعرف عليه حين تراه، ويقول العبد الفقير إلى الله أن الإدارة الفاسدة مثل التفاحة الفاسدة لا يستفاد منها، ويظل بقاؤها على رأس العمل خطرًا يعرض بقية المجموعة للفساد. أما القائد فهو ‏ مثل زجاجة العطر؛ إن تحدث ملأ المكان عطرًا وإن صمت يبقى وجوده عطرًا. ‏بل حتى وإن انِكسَرت الزجاجة تترك ذكرى طيبة.

• دائمًا لسان حال القائد يقول إذا لم أعجب الموظفين ولم أساعدهم على تحقيق أهدافهم سوف أغادر المنظمة، أما المدير الفاشل فيقول إذا لم أعجب الموظفين، ولم يساعدوني على تحقيق أهدافي فعليهم مغادرة المنظمة، والذي لم يغادر سوف أجبره على الرحيل (شعاره يا معي يا ضدي والباب يفوت جمل!!).

• المدير الفاشل يحاول التنصل عن المسؤولية ويلقيها على من هم تحت إدارته، حتى ولو كان هو مصدر الخطأ؛ أما القائد فيتحمل أخطاء مرؤوسيه أو على أقل تقدير يشاركهم في تحمل المسؤولية.

• المدير الفاشل يتحدث مع مرؤوسيه بلغة (أنا وأنتم)، ويختزل دوره في ثلاث كلمات: يراقب، ينتقد ويعاقب. بينما القائد لا يتحدث إلا بلغة (نحن)، ويرى أن دوره: يفوض ويتابع ويوجه ويحفز.

• المدير الفاشل يقيس نجاح المنظمة بكثرة القرارات الصادرة وبعدد المغادرين للمنظمة (يعتقد أن توفير رواتب الكفاءات المغادرة يقع ضمن  رفع كفاءة الإنفاق؟!) بينما القائد يقيس نجاح منظمته بكمية الأهداف التي يتم تحقيقها وبعدد المنجذبين للالتحاق بالعمل في المنظمة.

• القائد يضع الناس في مقدمة اهتماماته ثم بعد ذلك يأتي الاهتمام ببقية الموارد ومكونات المنظمة، أما المدير الفاسد فأول اهتماماته مصلحته الشخصية ثم مصلحته الشخصية ثم موارد المنظمة التي يحقق من خلالها مصلحته الشخصية أما الموظفون فهم آخر اهتماماته، بل ربما كان الموظفون خارج نطاق دائرة الاهتمام.

• المدير الفاسد يسرق مجهودات وأفكار ومقترحات موظفيه وربما سرق تقاريرهم وأبحاثهم !! ثم يقدمها باسمه، شعاره الدائم (إن شفت شي في طريقك واعجبك شله).بينما القائد يتبنى أفكار ومقترحات الآخرين ثم يعمل على دعمها وتطويرها ثم ينسبها لأصحابها.

• المدير الفاسد يهوى الاحتفالات والفلاشات ويعشق السفريات مع حاشيته ويضعها ضمن بند الكشتات، مستغلًا موارد المنظمة، حتى لو ترتب على ذلك الأمر توقف تأمين احتياجات العمل وتأخر صرف مستحقات الموظفين لشهور وربما لسنوات. أما القائد فيحرص على تأمين احتياجات العمل وصرف مستحقات وحقوق موظفيه قبل صرف مستحقاته الشخصية، بل ربما يؤخر صرف حقوقه لتتجاوز المنظمة بعض أزماتها.

الختام:
أقترح على الجهات المعنية بالرقابة ومكافحة الفساد تصميم استبانة إلكترونية توضح كمية الفشل وحجم الفساد الذي يمارسه بعض من الأشخاص الذين يتربعون على قمة هرم بعض المنظمات الحكومية والخاصة، هذا الاستبيان يتم تعبئته من قبل كافة منسوبي الجهة التي يوجه إليها الاستبيان، ولا أعتقد أن الناس ستجامل مديرًا أو فاسدًا وأستبعد أن يظلموا قائدًا ناجحًا، وعلى أقل تقدير سوف تعتبر نتيجة هذا الاستبيان مؤشرًا أوليًا يكشف إذا ماكانت تلك الجهات تعاني من مشكلة الفساد أم لا.

————————–
• عضو هيئة التدريب في معهد الإدارة العامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى