المقالات

المسار السياسي

ما يحصل في السودان لأمر محزن ومؤسف، ولكن للأسف هذا نتيجة طبيعية لمماطلة العسكر في تسليم السلطة للمدنيين من خلال تنظيم انتخابات تشريعية ينتخب الشعب السوداني من خلالها رئيس مدني مؤهل يُجيد العمل السياسي..
أربع سنوات بالتمام والكمال منذ إقالة البشير وتولي عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس العسكري في السودان، بينما الوضع الطبيعي لمثل تلك الحالة يُفترض ألا يتجاوز فترة انتقالية مدتها عام واحد كحد أقصى، وبعدها تسلم السلطة للرئيس المدني المنتخب..
خلال الأربع سنوات الفارطة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان يُماطل ويراوغ من أجل أن يخلق أمرًا واقعيًا للتعامل معه كقائد للسودان، ويقصد من هذه المماطلة في نهايتها التي سيحددها هو بنفسه، أن يتخلى عن رتبته العسكرية، ومن ثم يرتدي البدلة المدنية ويرشح نفسه كمرشح رسمي للمنافسة على منصب رئيس الجمهورية، بعد أن يكون قد هيَّأ الظروف المناسبة والمحيطة به للفوز بالرئاسة..
وعندما أراد الله أن يكشف ألاعيبه، سلَّط عليه ذراعه الأيمن ومساعده قائد قوات الدعم السريع حميدتي؛ حيث اختلف الشريكان لاختلاف المصالح الشخصية بينهما، فاندلعت المواجهة بين الجيش وقوات الدعم السريع، ورب ضارة نافعة، فاختلاف العسكر سيحقق المصلحة الوطنية العُليا للسودان إذا تمَّ التوافق بين جميع مكونات المجتمع السوداني، ومع ذلك فإنني أعتقد أن الحالة الراهنة في السودان ستطول وستفشل جميع الوساطات للتهدئة والتصالح، وبالتالي سيكون الحسم عسكريًا للقوة المنتصرة سواءً للجيش أو قوات الدعم السريع، لأن القائدين البرهان وحميدتي عنيدان، ولن يقبل أحدهما بالانسحاب من المشهد والسماح للآخر بالانتصار..
يعني المسألة رغبة جامحة لكل منهما؛ لتحقيق الهدف الأسمى الذي كانا يخططان له وهو الفوز برئاسة السودان..
وقبل الختام، أؤكد على أن أهلية العسكر في السياسة صفر، وليس للعسكري إلا قيادة جيشه ومنظومته الأمنية وممارسة مهمته التي تجند من أجلها، وهي حماية بلده والدفاع عنه من أي اعتداء داخلي أو خارجي، وماعدا ذلك فهو من اختصاص السياسيين فقط، ولهذا كانت ردود الفعل العالمية، هي الإدانة المطلقة لهذه المواجهات المسلحة، ودعت جميع الدول إلى إيقاف إطلاق النار فورًا، والعودة إلى المسار السياسي من خلال الاتفاق الإطاري بين العسكر والمكون المدني، والذي كان فاعلًا لتحقيق الديموقراطية التي يتوق لها جميع السودانيين، قبل أن تنفجر الأوضاع وتحدث المواجهة بين الجيش وقوات الدعم السريع، أتمنى أن تنفرج الأزمة ويُعاد الاستقرار إلى السودان الشقيق مع حلول عيد الفطر المبارك، مع أن الأمنيات شيء والواقع شيء آخر.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال جميل جدا يادكتور نسال الله العلي العظيم ان يحمي الشعب السوداني الذي راح ضحية اشخاص همهم السلطة ونسو القسم الذي ادوه تجاه بلدهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى