عام

الباحة وذاكرة القيادة والوطن

نتمنى يكون الختام مسكاً لصيف الباحة هذا العام بعدما تحقق النجاح الكبير في شمولية المواقع وتنوع البرامج ودخول مواقع كثيرة في خدمة السياح على إثر الأمطار التي كونت شلالات في أكثر من محافظة خدمها الإعلام الذي صنع محتوى لتقف الباحة على قدميها تنافس مثيلاتها في المملكة وقد تحقق لها ذلك فمن خلال متابعتي لوسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المقروء والمشاهد ومن خلال جولاتي في صيف هذا العام على محافظات المنطقة في السراة ومن خلال ما شاهدت في القرى من مناسبات فقد ثبت بأن الباحة بلاد غامد وزهران بيئة سياحية جاذبة بحكم موقعها ومقوماتها الطبيعية وأجوائها المعتدلة إلى جانب التطور الذي شهدته في الخدمات العامة الضرورية التحتية واللوجستية التي تساعد في الاستمتاع بما تكتنزه من طبيعة ساحرة وقرى أثرية مخدومة وهذا ما جعل منطقة الباحة ربما تتميز هذا العام سياحيا حيث تم نقل صور وفيديوهات من المواقع السياحية اشتملت على برامج متنوعة للأسرة سواء في الغابات أو المنتزهات أو في مواقع التسوق التي تم دمجها مع برامج صيف الباحة فألبستها ثوبا قشيبا كان سببا في اكتظاظ هذه المواقع بالسياح إلى ساعات متأخرة من الليل بشكل يومي وفي ظل رؤية المملكة ٢٠٣٠م في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وفي عهد عراب رؤية التنمية الشاملة المستدامة ولي عهده الأمير محمد بن سلمان أصبحت الباحة وجهة سياحية لن تقف على الصيف فحسب ولكن المؤمل أن تكون على مدار العام بإذن الله بناءً على ما تم ويتم ضخه من مشاريع وتخطيط وتطوير لقطاع السياحة ومقوماتها العامة .
منطقة الباحة كانت ولم تزل في ذاكرة الوطن وذاكرة القيادة لأكثر من مائة عام في عهد الدولة السعودية الثالثة بالذات التي أقام دعائمها وشيد أركانها الملك عبد العزيز – يرحمه الله- بدليل استقباله لشيوخ وأعيان منطقة الباحة في الطائف حيث بايعوه سمعا وطاعة وكانت بداية انطلاقة لمسيرة بدأت مع عهد التأسيس ثم التوحيد الذي جعل قبيلتي غامد وزهران تنعم بما تنعم به العاصمة الرياض وتأخذ نصيبها من خطط التنمية الشاملة في مجالات التعليم والطرق والصحة وبناء الإنسان وتحصينه من كل ما يحميه من العنصرية ومن العادات القديمة التي لا تتفق وسياسة المؤسس التي قامت لإعلاء كلمة التوحيد وتقديم شرع الله المطهر وفق الثوابت على أية أحكام قبلية قد لا تستند على قال الله وقال الرسول عليه افضل الصلاة والتسليم أكثر ما كانت تعمل بالأحكام العرفية فنشأت هذه المنطقة نشأة أخرى حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من بناء وتوفير لجميع الخدمات الضرورية فأصبحت لزاما تلحق بالركب وتستعيد أنفاسها لتكون وجهة سياحية في هذا العهد الزاهر عهد البناء والنماء عهد الحزم والعزم .
ولأن هذه المنطقة تحظى كغيرها باهتمام القيادة فلم تغب عن ذاكرة ملوكها وأمرائها ومسؤوليها فكانت الزيارات خير شاهد على هذا إذ شهدت أول زيارة لثاني ملوكها عندما زارها الملك سعود بن عبد العزيز – يرحمهما الله – ورغم صعوبة الطرق ووعورة مسالكها التي توصلها بأقرب مدن المملكة ” الطائف ” إلا أنه أصرّ على استكمال الزيارة واللقاء بشيوخها وأعيانها ومواطنيها في رحلة دامت عدة أيام عام 1374ه رافقه وفد رفيع المستوى من الوزراء والمستشارين والمسؤولين إذ قدم لهم الدعم المالي والمعنوي وأشاد بهم وأكبر فيهم وطنيتهم التي نتج عنها وقوفهم خلف المؤسس لتحقيق أهدافه التي نتج عنها قيام هذه الدولة ” المملكة العربية السعودية ” بعد أن كانت أقاليم وقبائل متناحرة أصبحت تنعم بالأمن والأمان والسلامة والاحترام لمبادئ الدولة العصرية التي حققت أعلى معدلات النجاح في السياسة الداخلية والخارجية وحققت مراكز متقدمة في الاقتصاد الذي أوصلها اليوم إلى أعلى القمم عربيا وإقليميا وعالميا .
ولم تتوقف هذه الزيارات على مر العقود بل توالت الزيارات لمنطقة الباحة فزارها الملك فهد – يرحمه الله – عام 1398هـ واستقبله المواطنون في غامد وزهران وكانت نتائج تلك الزيارة افتتاح وتنفيذ مجموعة من المشروعات المفصلية في الطرق والتعليم وكان من أبرز نتائجها ربط الباحة بالعالم جويا من خلال إنشاء مطار في العقيق الذي هو الآن ” مطار الملك سعود ” وفتح عقبة الباحة التي جمعت أطراف المنطقة بين تهامة والسراة كما تم إنشاء أكبر مستشفى ن بين خمسة مستشفيات على مستوى المملكة ” مستشفى الملك فهد بالباحة ” وتم ربط شرق المنطقة بغربها بطريق سياحي بدأ من الباحة وانتهى بحدودها مع بني مالك محافظة الطائف ثم زارها الملك عبد الله – يرحمه الله – عام 1427هـ وفي هذه الزيارة استقبل حسني مبارك رئيس جمهورية مصر بمقر إقامته بغابة رغدان والتي حملت للمنطقة مشاريع ضخمة من أبرزها مشروع جامعة الباحة ومشروع ازدواجية طريق الملك عبد العزيز الموصل بين الطائف والباحة إلى جانب افتتاح كليات تقنية وكان قد زارها وهو وليا للعهد عام 1419 هـ وفي جميع زيارات ملوك السعودية للباحة كان الأمراء يرافقونهم ويحققون للمنطقة ما تحتاجه من الخدمات الأمنية والمدنية وكانت تلك الزيارات تعبر عن مكانة المنطقة كغيرها من المناطق في ذاكرة القيادة كما وتحقق الولاء لهذه الدولة وحكامها الميامين من آل سعود الذين يفتخر بهم كل مواطن وحتة المقيمون لما يشعرون به من التساوي وعدم هضم الحقوق بل الكل في مملكة الإنسانية يعيشون في ظل دولة عصرية تعمل جاهدة لبناء الإنسان في كل مكان وزمان على تراب الوطن المقدس .
لعل ختام صيف هذا العام 1445هـ يكون مسكا بالنجاح الذي تحقق بتوجيهات سمو الأمير الدكتور حسام بن سعود وبالعمل الدؤوب والمتابعة الحثيثة من سعادة وكيل الإمارة عبد المنعم الشهري وسعادة الأمين الدكتور علي السواط وتنفيذ الجهات ذات العلاقة في جميع المحافظات حتى وصلنا لهذا التميز الذي سيكون دافعا قويا لصيف عام قادم بإذن الله يتم استكمال البنى اللوجستية للسياحة في الباحة بتعاون المواطنين من رجال أعمال ومستثمرين وصناع سياحة كما هو الحال في بعض القرى الأثرية والقرى السياحية الجديدة وبالذات السياحة الريفية والزراعية التي كانت هذا العام مقصدا للسياح من داخل المملكة وخارجها من الدول الشقيقة والصديقة .
انعطاف قلم :
مازلنا نناشد الوزارة المعنية بإعادة الحياة لفندق قصر الباحة الذي خرج عن الخدمة عدة سنوات كذلك الموتيلات وحتى تأريخه ونتمنى أن تتاح الفرصة لمستثمرين جادين بإقامة فنادق ذات كفاءة عالية ومسميات عالمية لتستوعب حركة السياحة في الصيف والشتاء وإقامة المؤتمرات طوال العام خاصة وأن هناك أراضي وفضاءات داخل الباحة صالحة لبناء فنادق وخدمات سكنية مميزة تليق بالسائح وأسرته .

عبدالله أحمد غريب

نائب رئيس نادي الباحة الأدبي السابق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى