الغدر والخيانة ونقض المواثيق والعهود وعدم الالتزام بها، هي صفات أزلية وراسخة في أذهان اليهود والنصارى، منذ خلقهم الله وأرسل لهم رسله الذين لم يسلموا من أذاهم وغدرهم، وما زالوا كذلك حتى الآن، وسيبقون على هذه السجية حتى يكتب الله أمرًا كان مفعولًا.
اتفاقية وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن التي أُبرمت مؤخرًا بين إسرائيل وحماس، هي نموذج حي للغدر الصهيوغربي، فما إن بدأ تنفيذ إطلاق الرهائن والأسرى من قبل الطرفين وأوشك على النهاية أو انتهى، حتى أعلن جيش الاحتلال بدء العمليات الحربية العدوانية على أهالي الضفة الغربية، وذلك بحجة القضاء على “البؤر الإرهابية” الفلسطينية كما يسمونها.
وإمعانًا من الصهاينة في جعل العدوان مستمرًا على الضفة الغربية، صرحوا بأن تلك العمليات ستستغرق مدة مفتوحة قد تكون بالأشهر أو حتى بالسنوات، هذا فضلًا عن مواصلتهم عدوانهم على قطاع غزة على شكل اشتباكات متواصلة، ولم يكتفِ جيش الاحتلال بما فعله في غزة من قتل وتدمير وإبادة جماعية، لم يشهد لها مثيل في تاريخ احتلالهم لفلسطين.
الاتفاقية السياسية المبرمة بين الطرفين لم تكن إلا لتحرير الرهائن الإسرائيليين فقط، بعد أن عجزت إسرائيل عن تحرير رهائنها بعملية عسكرية، أما وقف إطلاق النار فهو مجرد غطاء كاذب لتنفيذ تحرير الرهائن.
ولقد صرح ممثل ترامب في الشرق الأوسط قائلًا: “بأن هدفه وهدف ترامب هو تحرير جميع الرهائن الإسرائيليين، أما ما يتعلق بإعادة القتال فذاك شأن وقرار إسرائيلي بحت.” وهو بهذا التصريح يؤكد موافقة أمريكا على مواصلة العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، وطالما أن إسرائيل أخذت الضوء الأخضر من ترامب، فسوف تواصل العدوان على الفلسطينيين وبوحشية أكثر، خصوصًا بعد أن سمح ترامب بمنح جيش الاحتلال الأسلحة التي كانت معلقة وممنوعة في عهد بايدن، ومن تلك الأسلحة المميتة القنابل الثقيلة قوية الانفجار التي لم تسمح بها إدارة بايدن.
كل هذا التصعيد والإمعان في العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، يؤكد أن ترامب ليس رجل سلام كما وصف نفسه، بل هو رجل حرب وعدوان، ولم تكن تصريحاته بوقف الحرب في فلسطين وأوكرانيا إلا دعاية كاذبة قبل أن يتم تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية.
ترامب لم يكتفِ بكذبه ومساندته لاستمرار الحرب على فلسطين، بل دعا إلى طرد الفلسطينيين من أرضهم ووطنهم وتهجيرهم إلى مصر والأردن، وهذه الدعوة “الترامبية” لم يتقبلها الفلسطينيون والعرب والمسلمون، بل وحتى المجتمع الدولي بأكمله رفض هذه الدعوة العنصرية الصهيونية من ترامب، وليس أمام العرب جميعًا إلا التصدي لهذا الرئيس المتهور، قبل أن يعبث بأمن واستقرار عالمنا العربي خلال السنوات العجاف الأربع القادمة.