عام

الحزن وسور اليقين !

تزايدت الضغوط الحياتية على إنسان هذا العصر بشكل ملاحظ فتسببت بالكثير من الهموم والمتاعب في النفس، وبالتالي إلى الآلام والأسقام في الجسد والتي قد تفقده بعض توازنه ولو بصفة مؤقتة أو حتّى مستمرة؛ لتؤثر على أداء مهامه العملية الرسمية، أو واجباته الشخصية وهنا يبدأ التفكير العاجل أو المتأني في طريقة التخلص منها ولكل فرد قناعات معينة يتبعها؛ لتجاوز معضلاته حتّى يسترد كامل صحته النفسية، أو بعضاً من أجزائها وهنا تتوقف على مدى إيمان الفرد، واستعداده، وإدراكه بأن هذه الضغوطات هي جزء من أجزاء الحياة ولا بدّ أن يتعايش معها في الأحوال كافة.

وأعجبني ذات يوم رجل اقترب عمره من السبعين عاماً ويمتلك الكثير من الحكمة والقناعة عبر رؤيته البسيطة جداً لهذه الحياة الدنيا وأنها لا تمثل له أية قيمة تذكر وكان محور الحديث حينها حول إصابة الإنسان ببعض الهموم العابرة فكان يقول ببساطة: “اسمع إذا كثرت همومي تعشيت وكبرت المخدة وفي الصباح ربك يحلها…!” كلمات لا تتجاوز السطرين ولكن بالنسبة له تعد فلسفته في الحياة وهي بطبيعة الحال مبنية على إيمان بالله وحده، وعلى قناعة تامة أن مع الصبر فرج فقط يتطلب الوضع اليقين بالله، وحسن الظن به، والتفاؤل والأمل.

والحزن وبلا أدنى شك يمر به الإنسان في أوقات مختلفة من حياته سواء في طفولته، أو شبابه إلى كهولته وتتعدد أشكاله إما بسبب وفاة قريب أو عزيز، أو فراق صديق، أو خسارة مادية كبيرة، أو لرحيل من مكان لمكان آخر، وغيرها من صور الحزن المؤلمة وهنا يستوجب أن ندرك تمام الإدراك أن كل ما يمضي من أحداث في كل حياتنا صغيرها وكبيرها، قريبها، وبعيدها ماهي إلا عبارة عن قراءة مباشرة في صفحات القدر إن صح التعبير خيرها وشرها ولا بدّ من أن يراها الإنسان على مدى الأيام وتحدث مجمل تفاصيلها في المكان والزمان المحددين فلا بدّ للإنسان المسلم من الصبر والاحتساب وابتغاء الأجر والثواب.

عندما يدخل الحزن النفس ويصل إلى أقصى أعماقها فمن المهم أن ندرك هنا أنه قد اعتلى أسوار الإيمان واليقين والهدوء والطمأنينة في لحظة ضعف إنساني هذا بعد أن وجد عناء في القلب، واعتلال في العزم، واختلال في القوة، ووهن في صميم الإرادة وكل هذه الأشياء مجتمعة من أحب الأمور إلى الشيطان؛ ليوقع اليأس والكآبة والتعاسة والبؤس في الأعماق والتي تؤدي وبكل تأكيد إلى عدم العمل، وإلى التوقف عن النهوض بالمهام والمسؤوليات المناطة وتحقيق الطموحات والآمال هذا غير عدم تحقيق الصحة النفسية من خلال غياب السعادة، وفقدان الأمل، والشعور بالضيق.

خاتمة:
يقول الله تعالى في محكم التنزيل: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة: 10]، وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال” أو كما قال عليه الصلاة والسلام. كفانا الله وإياكم الأحزان وشرورها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى