في كتابه بعنوان “سيرة لم تُروَ” لمؤلفه وزير النفط السعودي الأسبق معالي الأستاذ هشام ناظر -رحمه الله- أقول مقتبسًا مما جاء في الكتاب:
“إن المستثمرين وأصحاب المشروعات البترولية والبتروكيميائية كانوا مجرد زوار يأتون إلى السعودية ويغادرونها، ونخرج معهم بخفّي حنين، من دون استثمار، ولا مشاريع، ولا عائدات مالية واقتصادية تعود على البلد.
هذا جعلني أطرح أسئلة -والكلام للوزير هشام- منها: نحن بلد بترولي مهم، والآتي إلينا إنما يأتي بأفكار ومشاريع ومعهما رغبة بالتنفيذ، ويأتي بعرض لا يكاد يفرغ من تقديمه حتى تراه ينسحب، فلماذا؟
الجواب: منذ أيام الأستاذ عبد الله الطريفي، كان المستثمرون يأتون بالعروض ثم ينسحبون، وذلك لاكتشافهم أن المشروع لن يكون مجديًا من الناحية الاقتصادية، فمثلًا، لو أردت إنشاء مصنع بتروكيماويات في الظهران أو في الجبيل أو في غيرها من المناطق، فستجد أن هذه المناطق تفتقر إلى وجود ميناء يُستعمل لتوصيل وتفريغ المعدات المستوردة، وستجد أنها تفتقر إلى وجود مساكن للعمال وعائلاتهم، ومدارس لأولادهم، ومستشفيات للعلاج، وقِسْ على ذلك”. انتهى الاقتباس.
دعاني للكتابة الوفدُ المرافق للرئيس الأمريكي في زيارته الحالية للمملكة، والمؤلف من أعضاء في حكومته ومساعدين مقربين، إلى جانب شخصيات بارزة في كبرى الشركات الأمريكية في مجالات مختلفة.
كل هذا يعكس رغبة الولايات المتحدة الأمريكية والقطاع الخاص الأمريكي في الارتقاء بالشراكة الاقتصادية مع المملكة إلى أعلى المستويات، لوجود البنية التحتية التي تُسهّل وتسهم في تسريع عملية النمو والتطور الاقتصادي بين البلدين.
وخلال الزيارة، سيشهد منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي 2025 حضور عدد من كبار التنفيذيين في الشركات الأمريكية الكبرى، من أبرزهم رئيس شركة “تسلا” إيلون ماسك، والرئيس التنفيذي لشركة “أمازون” أندي جاسي، إضافة إلى رؤساء شركات “بلاك روك”، و”آي بي إم”، و”بوينغ”، و”دلتا إيرلاينز”، و”أمريكان إيرلاينز”، و”يونايتد إيرلاينز”، و”أوبر”، و”كوكاكولا”، و”غوغل”، وكل ذلك يعكس اهتمام القطاع الخاص الأمريكي بتوسيع استثماراته في المملكة.
في عالم اليوم، هناك مصالح تربط الدول، لا صداقات، شئنا أم أبينا، يعيش العالم حاليًا القرن الأمريكي.
هناك دول لديها فائض مالي أكبر بكثير من المملكة، لكن السؤال: لماذا اختار رئيس أكبر دولة في العالم زيارة المملكة العربية السعودية؟
الجواب: لأنها دولة لها مكانتها وثقلها على الصعيدين الإقليمي والدولي، فعلاقاتها مع الدول الكبرى ممتازة، مع الصين وروسيا والهند وبعض دول أوروبا النافذة وغيرها من الدول، لذلك أصبحت لاعبًا رئيسًا وهامًا، ودورها محوري في عالم اليوم.
إن ما تقدمه المملكة من مبالغ استثمارية ضخمة ليس بالمجان، إنما هي استثمارات في مجالات كثيرة ومتعددة، من التقنية إلى الصحة، مرورًا بالذكاء الاصطناعي والمعرفي، إلى الأمن والدفاع والتعليم.
إن العالم يتغير بسرعة، والقيادات الذكية المحبة لبلدانها هي التي تطوّع علاقاتها الخارجية لتطوير بلدانها وتقدمها.
إن أول دولة في عالم اليوم استخدامًا للتقنية الحديثة، والذكاء الاصطناعي والمعرفي، وتعدد مصادر الدخل هي المملكة، كل هذا كان بجهود أمير الرؤية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- باختصار إنه معجزة العصر.