المقالات

المستطرف في كل فن مستظرف!!

كتاب لطيف ظريف بعنوان “المستطرف في كل فن مستظرف”، لمؤلفه المصري الشيخ الإمام شهاب الدين أبو الفتح محمد بن أحمد الشهير بـ”الأبشيهي”، والمولود سنة تسعين وسبعمئة للهجرة في قرية “أبشواي”، إحدى قرى محافظة الغربية بمصر. كان أحد طلبة الشيخ جلال البلقيني، أحد العلماء المعروفين في تلك الفترة.

يُعد كتاب “المستظرف” من الكتب الجامعة والماتعة لذلك العصر، طُبع أول مرة في مطبعة بولاق سنة 1272هـ، ويتمحور حول الأخلاق، والأدب، وأخبار العرب. ضمنه المؤلف مقتطفات من العلوم، والآداب، والمعارف، ويقول في مقدمته:
“أما بعد، فقد رأيت جماعة من ذوي الهمم جمعوا أشياء كثيرة من الآداب والمواعظ والحكم، وبسطوا مجلدات في التواريخ والنوادر والأخبار والحكايات واللطائف، ورقائق الأشعار، وألفوا في ذلك كتباً كثيرة، تفرد منها بفرائد وفوائد لم تكن في غيره من الكتب، فاستخرت الله وجمعت من مجموعها هذا المجموع اللطيف، وجعلته مشتملاً على كل فن ظريف، واستدللت فيه بآيات قرآنية كثيرة، وأحاديث صحيحة من أحاديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وطرزته بحكايات حسنة عن الصالحين الأخيار.”

لذلك، نجد في مؤلفه كثيراً مما أودعه الزمخشري في كتابه “ربيع الأبرار”، ومما نقله ابن عبد ربه في كتابه “العقد الفريد”، وطرائف ولطائف وظرائف عديدة من منتجات الكتب المفيدة والنفيسة، منها “التذكرة الحمدونية” لابن حمدون، وكتاب “سراج الملوك” لمؤلفه أبو بكر الطرطوشي، وكتاب “حياة الحيوان” للتميري، وكتاب “عجائب المخلوقات” للقزويني.

جعل المؤلف كتابه في أربعة وثمانين باباً، وكل باب ينقسم إلى فصول. ومن الأبواب الملفتة الباب السادس، وهو الذي جعله المؤلف في الأمثال السائدة، بادئاً هذا الباب بالفصل الأول، الذي تناول الأمثال الواردة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة. فمن القرآن قوله تعالى: “لكل نبأ مستقر، الآن حصحص الحق، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، كل نفس ذائقة الموت.”

ومن الأحاديث النبوية الشريفة، يورد المؤلف الآتي: “آفة العلم النسيان، من غشَّنا فليس منا، الحياء شعبة من الإيمان، الوحدة خير من جليس السوء، انتظار الفرج عبادة، الأعمال بخواتيمها.”

ثم يورد المؤلف في الفصل الثاني أمثال العرب، وذكر أمثالاً كثيرة منها: “إن من البيان لسحراً، آفة المروءة خلف الوعد، بلغ السيل الزبى، اشتدي أزمة تنفرجي، رب رمية من غير رام.”

وفي الفصل الثالث، يورد أمثال العامة ومنها: “الحاجة تفتق الحيلة، الطير بالطير يصاد، الناس أتباع لمن غلب.”
وفي الفصل الرابع، يورد المؤلف الأمثال من الشعر العربي المنظوم مرتبة على حروف المعجم، منها على سبيل المثال قول أبي الشمقمق شعراً في الحج ومناسكه ومؤنه:

إذا حججتَ بمالٍ أصله دنسٌ … فما حججتَ ولكن حجتِ العيرُ
ما يقبل اللهُ إلا كل طيبةٍ … ما كل من حج بيت الله مبرور.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى