تُعرَف الفترات الموسمية التي ترتفع فيها درجات الحرارة إلى مستويات قياسية كل عام، في الإعلام الغربي، باسم “أيام الكلب”، وهو تعبير يعود إلى قرون مضت، إذ تُعَدّ أشدَّ أيام الصيف حرًّا، وتبدأ في النصف الشمالي من الكرة الأرضية مع دخول شهر يوليو، حتى منتصف شهر أغسطس من كل عام، وتستمر لمدة 40 يومًا تقريبًا.
ويعود سبب تسمية هذه الفترة بـ”أيام الكلب” إلى الإغريق والرومان قديمًا، الذين ربطوا بين الطقس الحار وظهور نجم الكلب (الشِّعْرَى)، حيث تتزامن هذه الفترة مع ظهوره، وهو النجم الذي يُعدّ الأكثر لمعانًا في كوكبة من النجوم تُشبه شكل الكلب وتُسمّى “الكلب الأكبر”. وقد دفع ذلك علماء الفلك قديمًا إلى ملاحظته بسهولة.
تؤثر شدة حرارة “أيام الكلب” على دول النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وبعض دول شمال قارة إفريقيا، وكذلك أمريكا الشمالية والجنوبية، وأمريكا الوسطى، وبعض دول آسيا، حيث يشكّل نصف الكرة الشمالي نحو 60% من مساحة اليابسة على سطح الأرض. لكن آثار حرارة الصيف وكميات هطول الأمطار تختلف في هذه المناطق، بسبب اختلاف خطوط الطول والعرض والموقع والعوامل المناخية الأخرى.
ولا يقتصر تأثير “أيام الكلب” على الطقس فقط، فبحسب دراسات حديثة، تتسبب هذه الفترة في تزايد معدلات الضغط النفسي، والتوتر، ونوبات الغضب، وارتفاع معدلات الجريمة، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى وسائل التبريد أو تعاني من تردي الخدمات الأساسية.
أما على المستوى الثقافي الغربي، فقد كانت لهذه الأيام مكانة خاصة في الأدب والفن الفولكلوري؛ ففي المسرحيات الكلاسيكية الإنجليزية، تُعرف “أيام الكلب” بأنها أيام فوضى الصيف واختلال المزاج العام، وتُستخدم أيضًا للدلالة على نهاية فترة صعبة.
ووفقًا للبيانات المناخية، فإن “أيام الكلب” باتت تمتد لفترات أطول، وتتسم بدرجات حرارة أعلى، مع زيادة في الرطوبة وركود الرياح، ما يخلق ظروفًا مناسبة لارتفاع استهلاك الكهرباء، وتراجع جودة الهواء، وزيادة احتمالات الحرائق.
أما في الثقافة العربية، فتُستخدم تعبيرات كثيرة بدلاً من “أيام الكلب”، مثل “الرَّمَض”، أو “حرّ لافح”، أو “جمرة القيظ”، وهي تعبيرات تشير إلى أشد فترات الصيف حرًّا، وتظهر عادة في الأمثال الشعبية خلال موسم الصيف.
وفي منطقة الشرق الأوسط، مثلًا، تبدأ موجات الحر الشديد في يونيو من كل عام، وتستمر عادة حتى شهر سبتمبر، دون أن يُطلق عليها اسم خاص مشابه لـ”أيام الكلب”. ومع تصاعد حدة التغيّر المناخي العالمي، باتت هذه الفترة أكثر من مجرد ذكرى موسمية.


