المقالات

القاضي “سكونتي”… الجزاء من جنس العمل!

إن السجن في شرع القضاة هو عقوبة للتأديب والإصلاح وتهذيب السلوك في المجتمع، إلا أن القاضي الأمريكي “مايكل سكونتي”، المولود عام 1951م، والذي عمل في إحدى محاكم ولاية أوهايو الأمريكية، لم يكن يحبذ هذا النوع من العقاب في أحكامه، بل كانت لديه طريقة أخرى أكثر تأثيرًا وإصلاحًا.

فقد اشتهر بأحكامه المبتكرة التي كان يفضل فيها استخدام عقوبات بديلة غير تقليدية بدلًا من السجن، بهدف جعل العقوبة ذات صلة مباشرة بالجرم المرتكب، وأطلق عليها اسم “الجزاء من جنس العمل”. وقد نشرت العديد من الصحف الأمريكية تقارير حول أسلوب هذا القاضي في الكثير من الأحكام الغريبة التي أصدرها ضد المجرمين، منها:

– حكم على مجموعة من الشباب بزرع نحو سبعين شجرة في إحدى حدائق ولاية أوهايو بعدما قاموا بقطع أشجار من حديقة عامة وبيعها كحطب للتدفئة.
– حكم على مراهق قام بضرب رجل مسن بأن يخدم لمدة شهرين كاملين في دار للمسنين والعجزة بالولاية.
– حكم على رجل فقد وعيه نتيجة تناوله الكحول، ووضع قطته في الفرن الكهربائي، بأن يقوم بإطعام القطط في إحدى حدائق بنسلفانيا لمدة شهرين كاملين.
– حكم على شخص سرق شريط فيديو من أحد محلات بيع الأشرطة بأن يقف أمام المحل نفسه يوميًا لمدة أسبوعين، وهو يحمل لوحة كُتب عليها: “السرقة عمل مشين”.
– ألزم مربية قامت بضرب طفل بقراءة كتب ومقالات عن تربية الأطفال وخطر ضربهم، ثم مناقشتها في قاعة المحكمة أمام والدي الطفل والقاضي وبقية الحضور.
– حكم على امرأة تُدعى “ميشيل”، تبلغ من العمر ستة وعشرين عامًا، تخلت عن 35 قطة وتركتها في الغابة في الشتاء، بأن تقضي ليلة كاملة في الغابة لمواجهة الظروف نفسها.
– ومن أغرب أحكامه، عندما ألقت الشرطة القبض على طبيب في أوهايو بتهمة القيادة تحت تأثير المخدر، خيره القاضي “مايكل” بين السجن لمدة ستة أشهر أو إلقاء عدة محاضرات في المدارس والجامعات عن أضرار القيادة تحت تأثير الكحول.

نال القاضي “مايكل سكونتي” شعبية واسعة في السلك القضائي، وأمضى أكثر من عشرين عامًا في ممارسة مهنة القضاء، وفي عام 1994م تم انتخابه مجددًا ليكون قاضي محكمة البلدية ورئيسًا لرابطة القضاة الأمريكيين.

لقد كان هدف القاضي “مايكل سكونتي” من خلال هذه الأحكام تحقيق العدالة بطريقة تتناسب مع طبيعة الجرم، ومنح المتهمين فرصة لإصلاح أفعالهم، وقد أثر نهجه المبتكر هذا في العديد من القضاة الآخرين في الولايات المتحدة الأمريكية.

كم نحن بحاجة في مجتمعاتنا لمثل هذه النماذج من القضاة، وكيف يمكن بهذا النوع من الأحكام الارتقاء بالقضاء ليحكم بروح القانون قبل نصّه.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى