المقالات

الشهادة العلمية… ليست شرطاً للعبقرية!!

هناك العديد من العلماء والمفكرين البارزين الذين أثروا البشرية بشكل كبير دون امتلاك شهادات علمية رسمية، مثل “الخوارزمي” الذي كان له إسهامات عظيمة في الرياضيات بدون شهادات متخصصة في عصره، بالإضافة إلى مفكرين آخرين أبدعوا في مجالاتهم من أمثال ابن الهيثم وغيره، ممن يُعتبرون عباقرة في التاريخ الإسلامي. كما أن هناك أمثلة لشخصيات كبرى أخرى لم يُكملوا تعليمهم العالي، لكنهم حققوا نجاحات وأسهموا في تقدم البشرية خطوات إلى الأمام.

فقد أظهرت قائمة مجلة “تايم” الأسبوعية الأمريكية أن بعضاً من أغنى وأشهر الشخصيات على مستوى العالم لم يكن لديهم شهادة تعليم عالٍ، مما يؤكد أن الشهادات ليست شرطاً للعبقرية.

فلم تكن الشهادة العلمية هي ما ميَّز رجل الأعمال والمخترع الأمريكي “توماس إديسون” الذي أضاء الدنيا بمصباحه الكهربائي، بل ما ميَّزه هو شغفه بالمعرفة، وعمله الدؤوب، وقدرته الفائقة على تحويل الأفكار إلى منتجات ملموسة.

“فرانك لويد رايت”، الذي لم يستطع إكمال دراسته الجامعية في جامعة ويسكنسن-ماديسون الأمريكية، التحق بشركة “آدلر وسوليفان” في مدينة شيكاغو للتدريب فيها، وأصبح فيما بعد واحداً من المعماريين الرائدين في مجال التخطيط العمراني في النصف الأول من القرن العشرين، حيث قام بتصميم حوالي (1100) مبنى.

ستيف جوبز لم يُكمل دراسته الجامعية، حيث ترك كلية “Reed College” في عام 1972م، وقام بعدها بتأسيس شركته (آبل)، وأصبح من أغنى (10) أثرياء من صُنّاع التكنولوجيا في العالم.

البروفسور “آلن جونز”، أستاذ اختبارات الفروض الإحصائية والجودة في كلية العلوم بجامعة ويلز في فترة الستينات الميلادية، لم يكن يحمل درجة الدكتوراه، وقد تتلمذ على يديه الكثير من الأساتذة من حملة الدكتوراه في مجال اختبارات الفروض والجودة حول العالم.

عالم القرن السير “ديفيد لندلي”، أبو الإحصاء اللامعلمي كما كان يُلقب، لم يكن يحمل درجة الدكتوراه، ولكنه كان أستاذاً في جامعة ويلز البريطانية، وحصل على الدكتوراه تحت إشرافه الكثير من الطلاب، ومن تلامذته البروفسورة “سيلفيا لوتكنز” أستاذة الإحصاء التطبيقي ومشرفتي على الدكتوراه في جامعة ويلز.

وحتى في العصور القديمة التي لم يتبلور فيها نظام التعليم العام والعالي بشكله الحديث، نجد أن هناك العديد من العباقرة الذين علَّموا أنفسهم بأنفسهم وتفوقوا، وألفوا الكتب والنظريات والاكتشافات التي أصبحت تُدرَّس في أرقى الجامعات العالمية في وقتنا الحاضر؛ منهم على سبيل المثال: أرسطو، وصانع المراهم ومبتكر خيوط الجراحة “أبو بكر الرازي”، والكيميائي “جابر بن حيان”، وأمير الأطباء في العصور الوسطى الشيخ الرئيس “ابن سينا” الذي ألّف (200) كتاب في مواضيع مختلفة، و”البيروني” أول من قال بدوران الأرض حول محورها في كتابه “مفتاح علم الفلك”.

كل هؤلاء العلماء الذين لم يحصلوا على أي شهادات علمية رسمية عامة أو عالية، وغيرهم الكثير، يُظهرون أن العلم والعبقرية ليست حكراً على حاملي الشهادات العلمية، بل إن الشغف بالمعرفة والبحث عنها، والقدرة على التعلم الذاتي والتدريب، والأفكار الإبداعية، هي التي تمثل العوامل الأساسية لتحقيق التميز والإنجاز.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى