غرانثام” هي قرية صغيرة تابعة لمقاطعة “لينكولنشاير” في شرق إنجلترا، وهي القرية التي وُلد فيها الإنجليزي عالم القرن السابع عشر السير “إسحاق نيوتن”؛ أعظم العلماء وأكثرهم تأثيرًا في التاريخ، وصاحب الاكتشافات التي غيّرت وجه البشرية، وأحد أبرز رواد الثورة العلمية التي مهدت لاحقًا لما سُمّي بـ”عصر التنوير”. وشهدت القرية نفسها أيضًا مولد المرأة الحديدية، أول رئيسة وزراء في تاريخ بريطانيا وأوروبا، السيدة “مارغريت تاتشر” في 13 أكتوبر 1925م.
ارتبط اسم السير “إسحاق نيوتن” في أذهان كثيرين بالتفاحة التي سقطت على رأسه بينما كان جالسًا تحت الشجرة. ولا تزال شجرة التفاح – التي كانت سببًا رئيسيًا في إلهام العالم الإنجليزي لاكتشاف قانون الجاذبية الأرضية – قائمة حتى يومنا هذا، شامخة فارعة وسط حديقة منزل والديه الذي وُلد فيه يوم 4 يناير 1643م، وقد وُضعت داخل سياج خشبي دائري بعيدًا عن متناول الزوار.
اكتسبت هذه الشجرة شهرتها العالمية عندما سقطت إحدى ثمراتها أمام أعين نيوتن، لتكون تلك التفاحة بمثابة “الفكرة” الرئيسية التي بُنيت عليها نظرية الجاذبية الأرضية. وما تزال هذه الشجرة النادرة تُثمر التفاح حتى اليوم، وقد أعلنتها الملكة إليزابيث الثانية عام 2002م واحدةً من بين 50 شجرة تحت حماية بريطانيا، وتم اعتبارها جزءًا من التراث الإنجليزي تحت إشراف وزارة الثقافة البريطانية. وبحسب سجلات الوزارة، فقد أُعيد غرس تلك الشجرة في مكانها الحالي بعد أن اقتلعتها عاصفة ثلجية قوية ضربت المنطقة عام 1820م، ويزورها الآلاف سنويًا من جميع أنحاء العالم، من محبي العالم البريطاني مكتشف الجاذبية.
وعلى مسافة غير بعيدة من الشجرة، يوجد المنزل الذي شهد مولد نيوتن وتربى فيه، وقد تحول إلى متحف تابع للدولة. ويستطيع زوار ذلك المنزل مشاهدة الأدوات والمناظير التي كان يستخدمها نيوتن، والتي كانت من صنع يديه، إضافة إلى دراساته ومخطوطاته، وكذلك الغرفة التي وُلد فيها يوم 25 ديسمبر 1642م. وفي غرفة أخرى خاصة به – كان يستقبل فيها عالم الفلك البريطاني الشهير “هالي” – اعتاد نيوتن قضاء أغلب وقته في حل المعادلات الرياضية، وبعضها كان مكتوبًا بخط يده على جدران الغرفة. كما تضم الغرفة صورة رسالة من والدته، عندما كان يدرس في جامعة “كامبريدج”، تستفسر فيها عن أحواله، وقد استعمل خلفيتها في كتابة بعض معادلاته الرياضية.
وفي تلك الغرفة أيضًا بدأ نيوتن في كتابة كتابه الشهير بعنوان “المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية”، الذي يُعد من أهم الأعمال في تاريخ الفيزياء والرياضيات والفلك، وقد وصفه العالم الفرنسي “لابلاس” قائلًا: “إنه الكتاب الوحيد الذي كشف لنا القانون الأعظم للكون”، وقد نُشر لأول مرة عام 1687م.


