المقالات

فن الردود المسكتة!!

الردود المسكتة هي ردود ذكية وبليغة، تهدف إلى إسكات المتكلم أو الشخص الذي يسأل بطريقة تهكمية أو استفزازية. ومثال ذلك ما قاله أبو الزناد لابن شبرمة: «من عندنا خرج العلم»، فقال له: «نعم، ثم لم يعد إليكم».

وهي أحد فنون الردود أو الجواب السريع الذي يلجم الخصم من فوره ويسكته. يتقنها بعض الناس ويستخدمونها وسيلة للتواصل مع الآخرين، عبر طرح الاستجابة المناسبة للمناقشة وإسكات الخصم. وقد حقق هذا النوع من الإجابة حضورًا فاعلًا ومكانة متميزة في الحقلين الأدبي والبلاغي، حتى أُلّفت فيه كتب عديدة، منها: المستطرف في كل فن مستظرف لشهاب الدين الأبشيهي، والأجوبة المسكتة لابن أبي عون (ت 322هـ)، وغيرها.

وهنا بعض الأمثلة من فنون الردود المسكتة:
• سأل أحدهم رجلًا كبيرًا لم يتزوج: لماذا لا تتزوج؟
فقال: أخشى أن يأتيني ولد مثلك.
• ركبت سيدة سمينة جدًا الحافلة، فصاح أحد الراكبين متهكمًا:
لم أعلم أن هذه السيارة مخصصة للفيلة!
فردّت عليه بهدوء: لا يا سيدي، هذه السيارة مثل سفينة نوح، يركبها الفيلة و(الحمير) أيضًا!
• تزوج أعمى امرأة، فقالت له: لو رأيت بياضي وحسني لعجبت!
فقال: لو كنتِ كما تقولين لما تركك المبصرون لي!
• أراد رجل إحراج المتنبي فقال له: رأيتك من بعيد فظننتك امرأة!
فردّ المتنبي: وأنا رأيتك من بعيد فظننتك رجلًا!
• قالت امرأة قبيحة جدًا لرجل: لو كنتَ زوجي لسقيتُك السم في قهوتك!
فقال: ولو كنتِ زوجتي لما ترددت لحظة في شربها!
• قال وزير بريطانيا السمين تشرشل لبرنارد شو النحيف: من يراك يظن أن بريطانيا في أزمة غذاء!
فردّ: ومن يراك يعرف سبب الأزمة!
• أقبل جحا على قرية، فقال له أحدهم: لم أعرفك إلا بحمارك!
فردّ جحا: الحمير تعرف بعضها!
• قال رجل لامرأة: كم أنتِ جميلة!
فردت: ليتك جميل لأبادلك نفس الكلام!
فقال: لا بأس، اكذبي كما كذبت!
• في صيف بغداد زار الأديب الزيات الزعيم التونسي عبد العزيز الثعالبي فوجده قد تجرد إلا من إزار، فقال له مداعبًا: أتُحرِم يا أستاذ في غير وقت الحج؟
فضحك الثعالبي قائلًا: كيف لا أحرم وهذه شمس بغداد ترمي الجمرات؟
• وأختم بقصة الشاعر المصري محمود سامي البارودي حينما أراد مداعبة الشاعر والأديب المصري “إمام العبد”، وكان أسود اللون، فقال له يومًا معرضًا بسواده:
ما رأيك في قول المتنبي:
لا تشتري العبد إلا والعصا معه … إن العبيد لأنجاس مناكيدُ
أليس من أحسن شعره؟
ففطن إمام العبد لمراده، وقال ببديهة حاضرة:
أجمل منه قوله في القصيدة نفسها:
ما كنتُ أحسبني أحيا إلى زمن … يُسيء لي فيه كلبٌ وهو محمود.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. دائما يتحفنا معالى الدكتور بكرى بهذه المقالات الفكريه والثقافيه بإسلوب أدبى راق حتى فرغ القارئ من قراءة المقال يشعر وكأنه قرأ مجلدات لغزارة المعلومات فى مختصرات بيعات نسعد دائما بقراءتها مع خالص تحياتى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى