المقالات

أذكى صورة عرفها التاريخ!!

مرت على البشرية عصور مختلفة، بدءًا من عصر الزراعة، ومرورًا بعصر الصناعة، ثم عصر الاكتشافات العلمية، وحاليًا نعيش عصر التقنية والذكاء الاصطناعي.

يسمى العصر الموافق لبداية القرن العشرين في أدبيات الفيزياء النظرية بـ”العصر الذهبي لفيزياء الكم”، وأطلق عليه لقب “عصر النظريات والاكتشافات العلمية”، الذي خطا بالبشرية خطوات إلى الأمام، وساهم في تغيير فهمنا للكون.

رأى بعض العلماء في تلك الفترة أنه من الضروري عقد لقاءات تجمع العلماء البارزين لمناقشة أهم الاكتشافات والاختراعات والمستجدات العلمية، وكان ذلك بناءً على اقتراح قدّمه الكيميائي ورجل الأعمال البلجيكي “أرنست سولفاي”، الذي استحدث طريقة لإنتاج كميات كبيرة من كربونات الصوديوم، ومن أجل ذلك سُمِّي المؤتمر باسمه.

عُقد مؤتمر سولفاي الأول سنة 1911م في العاصمة البلجيكية بروكسل، ونوقشت خلاله نظرية الإشعاع والكوانتا، وكان المؤتمر تحت رئاسة عالم الفيزياء الهولندي “هندريك لورنتز” الحائز على جائزة نوبل للفيزياء سنة 1902م، وهو الذي قام باستنتاج معادلات التحويل التي استعان بها مكتشف النظرية النسبية، العالم الفيزيائي “ألبرت أينشتاين”، في وصف الزمان والمكان.

حقق المؤتمر نجاحًا باهرًا، وتم الاتفاق على عقده كل ثلاث سنوات لدراسة ومناقشة التطورات العلمية المتتابعة. وبين عامي 1911م و1948م، عُقد المؤتمر ثماني مرات؛ حيث تعذّر إقامته كل ثلاث سنوات بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914م. وفي عام 1913م عُقد المؤتمر في بروكسل، قبل أن يتوقف لمدة ثماني سنوات متتالية ليُعقد مجددًا في مدينة بروكسل البلجيكية، ثم انقطع مؤتمر سولفاي لمدة 15 سنة قبل أن يُعقد مرة أخرى ابتداءً من عام 1948م بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

ويُعد مؤتمر سولفاي الخامس، الذي انعقد سنة 1927م، والذي تم فيه مناقشة الإلكترونات والفوتونات، من أهم مؤتمرات سولفاي، نظرًا لوجود عدد كبير من العلماء البارزين في تلك الفترة، حيث شارك فيه (29) عالمًا، من بينهم (17) عالمًا حاصلًا على جائزة نوبل في مجالات الفيزياء والكيمياء.

ومن أبرز العلماء الحاضرين في هذا المؤتمر: عالم الفيزياء “ألبرت أينشتاين”، وعالم الفيزياء الدنماركي “نيلز بور” الحاصل على نوبل في الفيزياء سنة 1922م، والعالمة البولندية “ماري كوري” الحاصلة على جائزة نوبل في مناسبتين مختلفتين: الأولى في الفيزياء سنة 1903م، والثانية في الكيمياء سنة 1911م (مناصفة مع زوجها)، وكذلك عالم الفيزياء والرياضيات الألماني “ماكس بورن” الحائز نوبل للفيزياء سنة 1954م، والفرنسي “لويس دي بروجلي” الحاصل على نوبل في الفيزياء سنة 1929م، وغيرهم من علماء تلك الفترة.

ومنذ انعقاد مؤتمر سولفاي سنة 1911م اعتاد العلماء المجتمعون التقاط صور جماعية للذكرى. وتُعتبر الصورة التي التُقطت للعلماء المشاركين في المؤتمر الخامس سنة 1927م هي الأبرز والأكثر أهمية، نظرًا للشخصيات الموجودة بها وإنجازاتهم في مجالات الفيزياء والكيمياء، ومن أجل ذلك أُطلق عليها لقب: “أذكى صورة عرفها التاريخ”.

أدكى صوره عرفها التاريخ

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى