المقالات

أغنية (فوق إلنا خِلّ).. من التراث العراقي!

من أجمل الأغاني الفلكلورية والتراثية العراقية القديمة، التي لا يزال الناس يرددونها في مناسباتهم وجلساتهم، أغنية «فوق إلنا خِلّ».
غنّاها العديد من المطربين، لكن أول من أدّاها هو المطرب العراقي الشهير ناظم الغزالي، في حفل أُقيم في بيروت في خمسينيات القرن الماضي، وقد قام بتوزيعها الفنان العراقي جميل بشير، كما شدا بها أيضًا المطرب السوري المخضرم صباح فخري، إلى جانب عدد من فناني العراق والعالم العربي.

ويُروى أن الأغنية من ألحان القارئ والشاعر وخطيب ثورة العراق سنة (1920م)، الملا عثمان الموصلي، وكانت في الأصل موشّحًا دينيًّا بعنوان «فوق العرش فوق».

وللأغنية قصة طريفة تناولتها مجلة الكاردينيا الثقافية العراقية، إذ كانت البيوت العراقية القديمة تتكوّن من ساحة تحيط بها مجموعة من الغرف، ويتألف كل بيت منها من طابقين: علوي وأرضي.
حدث أن شابًا من شباب بغداد استأجر غرفة في الدور الأرضي من أحد هذه البيوت، وفي إحدى المرات لمح فتاة جميلة في الطابق العلوي، فانبهر بجمالها. لكن التقاليد والأعراف السائدة آنذاك منعته من التواصل معها، فلجأ إلى الغناء كوسيلة للتعبير عن مشاعره وجذب انتباهها، فكان يردد بصوته الجميل عبارة «فوق إلنا خِلّ»، أي «لنا حبيب في الطابق العلوي».

وعندما سمعه الجيران لم ينتبهوا إلى إدغام اللام بالنون، فظنّوا أنه يقول «فوق النخل فوق»، فرددوا العبارة على هذا النحو، فتحولت الكلمات تدريجيًا إلى صيغة جديدة أصبحت لاحقًا أغنية تثير الشجن بين السمار والعشاق في بلاد الرافدين.
وانتهت حكاية الشاب بزواجه من تلك الفتاة الجميلة التي هام بها حبًا.

وقد قام بتلحينها أيضًا المايسترو الألماني الشهير هانز مومر في سبعينيات القرن الماضي، عندما استضافته بغداد في تلك الفترة، وغنّتها فرقته وحوّلها إلى قطعة موسيقية عالمية. كما أدّتها فرق فنية من الصين، والولايات المتحدة الأمريكية، وأرمينيا، وصربيا، ومناطق أخرى حول العالم.

ويُختتم هذا الحديث باقتباس ما قاله الأكاديمي والمؤرخ المتخصص في التراث الموسيقي العراقي هيثم شعوبي، حيث أشار إلى أن أغنية «فوق إلنا خِلّ» تُعد من الأغاني الطربية الفلكلورية التي تحتل مكانة خاصة في الوجدان العراقي والعربي، شأنها شأن أغنية «على دلعونا» في فلسطين، و«الميجانا» في بلاد الشام ولبنان.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى