آراء متعددةحوارات خاصة

محمد الجليحي في حوار لـ”مكة” الإلكترونية: إنصاف الإنسان بعد وفاته “إرث متوارث”.. والمشاهير تسببوا في هدم أسر عديدة

في إطار سلسلة الحوارات التي تجريها “مكة” الإلكترونية مع رجال الفكر والثقافة والإعلام وأصحاب الرأي الرشيد داخل المملكة، لاستلهام تجاربهم في الشهر الكريم، يأتي الدور على الإعلامي محمد سعود الجليحي، ليوضح لنا الكثير من الأسرار والتفاصيل عن حياته ومسيرته، عبر الحوار التالي:

**لمن يسأل عنكم ضيفنا الفاضل أين تتواجدون في رحاب هذه الدنيا؟ وكيف تقضون أوقاتكم؟
-نحن نسير في هذه الدنيا كأننا مطاردون..!، فكل شئ يمر بسرعة.. ولا يوجد لدينا أوقات، فجميعها ممتلئة ولا أعلم متى تنتهي هذه المشاغل، لكن نحاول أن يكون لدينا محتوى أو أعمال تفيد الوطن ونفتخر بها بعد مشيبنا، وحالياً تركيزي على العمل الإعلامي وخدمة المجتمع من خلال العمل التطوعي، سواء في الجمعيات الخيرية أو مؤسسات الدولة بشكل عام.

**مالذي يشغل اهتمامكم في الوقت الحاضر؟
تطوير الذات والاستفادة من التقنية باختصار مدة الحصول على المعلومة ونقل هذه التجارب للغير لاختصار الوقت.

**الحكمة خير من الله يؤتها من يشاء.. كيف تعرفون الحكمة من وجهة نظركم؟
-حسن التصرف وإدارة الأزمة بالذكاء، هنا يكمن تمييز الحكيم من غيره والتاريخ يشهد بالعديد من الشخصيات الحكيمة، والتي ظل اسمها يذكر حتى وقتنا الحاضر مثل الملك عبدالعزيز _طيب الله ثراه _، والذي وحد البلاد وطور الوطن وأصبح المواطن السعودي الكل يتمنى أن يكون مثله، فكان رحمه الله حكمة في التدبير، وحنكة في التفكير.

**ما بين حكمة الشيوخ وهمة الشباب أيهما أقرب برأيكم؟ وهل ثمة اتفاق أم فجوة اختلاف؟
-متى ما اقترنت الخبرة مع الهمة أخرج لنا نتائج رائعة، فالشاب ذو الهمة يحتاج من يوجهه وينقل خبرة الشيوخ له، والشيخ يحتاج لحيوية وهمة الشباب حتى نستفيد من كلا الطرفين.

**هل الإنسان في هذا العالم ضل طريق الحكمة؟ وهل بالجملة تنقصه الحكمة؟
-أبدا.. فالمجتمعات الإنسانية مختلفة الطباع والأفكار، والحكمة قد تتواجد ولكن قوة الحدث تلجم الرجل في أفكاره وخبرته، مما لا يحسن معه التصرف أمام الحدث، والحكماء بشكل عام موجودين، والعالم لم يضل طريق الحكمة أبدا ولكن
“تكبر” البعض على أصحاب الرأي والفكر جعلت الناس تتوقع أنه بالفعل لم يعد هناك أصحاب رأي حكيم، إضافة إلى تصدر المشهد من مجموعة أطلقت على نفسها لقب “مشاهير” مما خيل للبعض أن ما يقولونه هو الصحيح وهو الحكمة.

**في حياتنا مراحل إنسانية مختلفة من الضعف إلى القوة وهكذا.. ماذا تتذكرون من وقائع في ثنايا المراحل؟
-بالفعل لدينا فترات زمنية مررت بها اختلفت قياساتها وتغيرت معتقداتي الاجتماعية في هذه الحياة، سابقاً كنت أعتقد أن الحصول على الشهادات والدورات تغنيك عن مصادر المعلومة والاستفادة من الخبرات والتجارب، لكن تفاجأت أنه كلما أرتقيت درجة في سلم الحياة الاجتماعية والعملية أيقنت أنني بحاجة أكبر إلى العلم وأن ما حققته سابقاً لا يعدو كونه جزء يسير وبسيط من منظومة هائلة من المعلومات لم أصل إليها، وأحتاج جهد مضاعف عن السابق، وكل ما زادت قراءتي للكتب أيقنت بالفعل أنني لن استطيع الإحاطة بها.

**ما بين الربح والخسارة أو الخسارة والربح.. كيف تصفون أصعب المشاعر وأجملها؟
-أمر المؤمن كله خير، هناك مشاعر الفقد والخذلان والخسارة بشتى أنواعها، لكن خسارة الوطن أو العمر لا تعوض بأموال الدنيا، المؤمن حين يتعرض لمشاكل الحياة لا يعلم ما خلف تلك المصيبة، قد تكون بالفعل أول حلول مصاعب حياتك وقد تكون نافذة الفرج، ولو حزنت المشاعر على أحداث أليمة يتوقعها الشخص، ولكن لا يعلم بنهاياتها السعيدة له، لكن ابن آدم يستعجل في أمره كله.

**الحزن سمة إنسانية ثابتة هل احتجتم له يوما ما.. وماهي أقسى لحظات الحزن التي مرت بكم؟
-بالطبع الحزن لم يسلم منه المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو خير البشر ما بالك بنحن؟، والتعرض لفقد الأعزاء والقريبين للإنسان بالرحيل عن هذه الدنيا حقيقة أمر صعب جداً، خاصة أنه يأتي على حين غرة وغفلة، ونحن كنا مشغولين عنهم ولم تسعفنا أوقاتنا للأسف للاستمتاع معهم.
أمر آخر وهو وجود أحد الوالدين لديك وهو يعاني من المرض ولا تملك أي علاج له يشتت انتباهك ويجعلك حزين، فوالدتي أطال الله بعمرها تعاني من الفشل الكلوي وتعاني من جلسات الغسيل المتعبة، فكل ما شاهدتها يعتصرني الألم وأشعر بتعبها وتعب جسدها الذي أنهكته وخزات الإبر الطبية والتنقل من وإلى المستشفى، واسأل الله في هذا الشهر المبارك أن يشفيها ويشفي جميع المرضى.

**التوفيق والسداد هبة من الله تعالى.. ماهي أكثر المواقف التي مرت بكم توفيقاً وسدادا؟
-الحمد لله أني ولدت على هذه الأرض المباركة، وعشت العهد الزاهر في ظل الأمن والأمان وتوافر الخدمات الحياتية من مدارس وجامعات ومستشفيات، وهذا أكبر توفيق، وعندما أقرأ تجارب الناس من مختلف أصقاع المعمورة أشاهد أحلامهم التي يتمنوها، وهي في الحقيقة موجودة عندنا لكن التعود على النعمة جعل البعض لا يلقي بالا لها.

**بماذا نربط الحياة السعيدة من وجهة نظركم الشخصية؟
بالصحة والعلم.

**هل نستطيع أن نعتبر السعادة أسلوب حياة؟
-السعادة مطلب وهدف رئيسي لأي إنسان، وأسلوب الحياة هو الطريق للهدف.

**متى يصل الإنسان إلى محطات النجاح؟
-عند تحقيق الهدف.

**ومتى تتوقف تطلعاتنا في الحياة؟
-عند الخذلان.

**في الأغلب ننصف الإنسان بعد رحيله من دنيانا.. متى ينصف هذا الإنسان قبل أن يرحل؟
-لا يمكن أن ينصف الإنسان وهو على قيد الحياة، هذا إرث إنساني متوارث، لأن النعمة أو العالم أو الشخص المهم لا نشعر به إلا بعد رحيله وفقده.

**في الاستشارة.. من يستشير ضيفنا الكريم في مواقفه الحياتية المختلفة؟ ولماذا؟ وما هي أهم استشارة مضت؟
-غالباً أبحث عن القريب صاحب التخصص في موضوعي لأنه هو الأدرى بجوانب تساؤلاتي، أما أهم استشارة كانت عندما حانت لي الفرصة لإكمال دراسة الدكتوراة في أمريكا، كنت في حيرة هل أسافر وأترك الأهل في هذه المرحلة؟، وعند استشارتي لصاحب خبرة في الحياة قال أسأل قلبك هو من يجيبك، هل تستطيع أن تعيش بعيداً وقلبك هنا؟، عندها تجد الجواب الشافي، وبالفعل قررت البقاء والمضي قدماً لتطوير الذات بالدورات والحمدلله دائماً وأبدا.

**متى غض النظر ضيفنا في المواقف المصاحبة له؟ وهل تذكرون بعض هذه المواقف؟
-أغض النظر إذا كان الشخص يهمني وفعله لا يترتب عليه مسؤوليات أو أي عواقب وذلك حتى تسير الحياة، وليكن الإنسان بعيد النظر لا يركز على أقل الأمور، مثل أخطاء الأبناء لا تركز عليها، بل عليك بالتوجيه، خاصة في هذا الوقت مع توافر أجهزة الهواتف النقالة وبرامج التواصل الاجتماعي العديدة.

**هل ندمتم على سكوتكم يوماً؟ ومتى ندمتم على بعض كلامكم؟
-أقول الحكمة إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، لكن لو كان السكوت في حال ظلمك فهو يعتبر ضعف، أما الندم على الكلام فعلاً في النقاشات العقيمة وخاصة في المجال الرياضي، ومع أقرب الناس لك في أمور لا تقدم أو تؤخر وقد تخسرهم.

**في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أحاديثنا تختلف عن واقعنا.. إلى أي مدى تؤيد صحة هذه الجملة؟
-لا تختلف بشكل كبير، ولكن في وسائل التواصل الاجتماعي نحاول أن نحجب الجانب الأسوأ من حياتنا، مما يجعل السطوع على الجانب الإيجابي، أما صاحب الخلق السيء مهما جمل وحسن نفسه أمام الناس سوف ينكشف سواء طال الزمن أو قصر.

**في حياتنا اليومية هل افتقدنا حقيقة إلى الإنسان القدوة؟
-لا.. لم نفتقده، لكن للأسف القدوة في الوقت الحالي اختلفت عن القدوة في الماضي، صاروا مشاهير التواصل الاجتماعي ومتصدري المشهد في العالم هم قدوات الجيل الحالي للأسف، وأصبح الأغلب يقلدهم حتى بعض الكبار تأثروا بهم وبطرحهم، وشاهدنا الكثير من قصص هدم الأسر من خلال تصديق ما يطلق عليهم “المشاهير” وتصديق حياتهم الإعلانية وليست الحقيقية.

**الأبناء في الوقت الحالي هل يحتاجون إلى الرأي والمشورة منا؟ وهل المسافات بعدت بيننا وبينهم؟
-بالطبع الأبناء في حاجة كبيرة للتواصل والنصح وملء جانب المشاعر تجاههم والشعور بمشاكلهم والقرب منهم، والمسافات لم تبعد إلا من أراد أن يبتعد عنهم ليرتاح من التربية والتعب، وأصبح البعض من الآباء والأمهات للأسف ينقل التربية ويسقطها على الطرف الآخر.

‏**من أنبل الناس في رأيكم؟
-من يخدم الناس، وهو صاحب الشأن الذي يكلم الصغير ويساعد المحتاج ويدعم الضعيف وينصح التائه.

**المحبطون هم أشد الناس تعاسة هل صادفتم هذه الفئة؟ وكيف تعاملتم معها؟
-نعم صادفت الكثير منهم وخاصة في مرحلة من حياتي كنت محاضرا في إحدى الجامعات، وشاهدت بعض الطلاب من ينهار في أول اختبار أو تقييم، أو لا يؤدي جيداً في المحاضرة أو يفشل في الحديث أمام زملائه، بل البعض منهم حاول أن يحذف مستوى جامعي لأجل إحباطه، فهذا له تصرف خاص، فجلست معه ورفعت من روحه المعنوية ودعمته وأشعلت روح الحماس لمنافسة زملائه، والحمد الله الكثير يتجاوز هذه الازمات.

**هل ندمتم يوماً بسبب النقاش مع أصحاب الوعي والإدراك؟ وهل ندمتم في النقاش مع غيرهم؟ ولماذا؟
-لا.. لم أندم من نقاشات أصحاب الوعي، بل على العكس أستفيد منهم كثيراً ويفتحون لي آفاقاً أوسع في مسيرة الحياة والبعد العلمي والحياتي بشكل عام، أما نقاش أصحاب النقاشات غير المفيدة فكثيراً أتجنبها وندمت بالفعل على نقاشات سابقة عديمة الفائدة.

**ماهي التحديات التي تواجه الإعلام الرياضي؟
-في الحقيقة هناك تحديات كثيرة ومتعددة منها على سبيل المثال لا الحصر، الصفات المهنية التي يجب أن تنطبق على من نطلق عليه لقب إعلامي، وما هي الآلية المطبقة لذلك؟، للأسف اصبح مجال الإعلام الرياضي يجمع كل من أراد أن يركب على هذا المركب، وأصبحنا نرى الغث والسمين من الآراء، ناهيك عن عدم الإلمام بأساسيات المهنة وتشويه صورة الإعلامي أمام المجتمع بتصرفات أو تعصب أعمى لفريقه بعيداً عن مصداقية الطرح أو عقلانيته، وللعلم إنشاء اتحاد الإعلام الرياضي حد كثيراً من هذه العينات ويحاول تطوير المنتسبين له بالدورات وصقل مواهبهم، لذلك أرى أن أي إعلامي قادم يجب أن يكون متعلم يحمل شهادة علمية ليكون إضافة فعلية للعمل الاعلامي، ومن المؤسف أن بعض البرامج تستقطب أصحاب الإثارة والآراء المخالفة لمزيدا من المشاهدات بعيداً عن المصداقية والمهنية.

**في رأيك ما مدى المصداقية في الطرح الإعلامي الرياضي؟
-للأسف الكثير من الأطروحات تفتقد للمصداقية وتتأثر بألوان الفرق، والقليل المميز الذي ينقد ويفند ويحلل منطقياً، فمن غير المعقول أن يتمنى إعلامي سعودي خسارة فريق سعودي في بطولة خارجية بذريعة الميول، أحيانا داخليا قد اتقبل الأمر، لكن خارجياً يجب أن نقف صفا واحداً مع من يمثل المملكة وندعمه بكل الطرق، ففي الأخير المنجز يسجل باسم وطني الغالي علينا جميعا، وولاة أمرنا حفظهم الله لم يقصروا في دعم جميع المجالات وليست الرياضية فقط، ورؤية 2030 تؤكد على تحسين جودة ما يقدم، ومنها في مجال الإعلام الرياضي.

**ما الكلمة الأخيرة التي تحب أن توجهها؟
-شكراً من كل قلبي لصحيفة مكة الإلكترونية الرائدة والرائعة بكل ما تطرحه من مواضيع هادفة، والشكر موصول للزملاء وهم وقود الإبداع والإنجاز وكل عام وأنتم بخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com