(مكة) – حوار- عبدالرحمن الأحمدي
يعتبر فهد منير القثامي محافظ محافظة الجموم السابق، واحدا من الشخصيات البارزة التي أدت جهدا كبيرا خلال فترة عمله الإداري، والذي قدم من خلاله خدمات جليلة للوطن، وهو ما دفعنا للتواصل معه في الشهر الكريم، للاستفادة من تجربته وخبراته، فكان اللقاء التالي:
**لمن يسأل عنكم ضيفنا الفاضل.. أين تتواجدون في رحاب هذه الدنيا؟ وكيف تقضون أوقاتكم؟
-نتواجد في مهبط الوحي مكة المكرمة حرسها الله، ونقضي أوقاتنا بحمد الله في أداء العبادات المطلوبة وفي الزيارات العائلية والالتقاء بالأصدقاء والأحبة في هذا المجتمع الكريم، وأيضاً ممارسة الرياضة وبعض الأعمال التطوعية.
**ما الذي يشغل اهتمامكم في الوقت الحاضر؟
-لاشك أن الاهتمام بصفة دائمة يتركز على الأمور الدنيوية والعائلية والاجتماعية والحياتية بالعموم، وحالياً الانشغال الأهم والأكبر في الاستفادة القصوى من شهر الخير شهر رمضان المبارك درة الشهور وأحبها للقلب، فهو شهر الخير والتزود بالطاعات وتهذيب النفس وكسب مرضاة الله وزيادة أواصر المحبة بالأهل والأحباب، نسأل الله أن يبلغنا تمام هذا الشهر الفضيل وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام والأعمال الصالحة.
**الحكمة خير من الله يؤتها من يشاء.. كيف تعرفون الحكمة من وجهة نظركم؟
-الحكمة كما أشرتم هي خير من الله سبحانه وتعالى (يؤتي الحكمة من يشاء)، والحكمة هي خلاصة خبرات متراكمة، أو نتيجة لبعد ثاقب وبصيرة إيجابية لدى أشخاص معينين يتميزون بها عن غيرهم من الناس، ومتى وجدت الحكمة في أي بيئة أو مجتمع ستجد الخير معها، كما أنه عند وقوع الأزمات أو المصائب أو المشاكل تجد الجميع يبحث عن الحكمة وأهلها.
**ما بين حكمة الشيوخ وهمة الشباب أيهما أقرب برأيكم.. ثمة اتفاق أو فجوة اختلاف؟
-كما أشرنا سابقاً الحكمة مطلوبة وأيضاً همة الشباب مطلوبة، فالحكمة هي لب وإطار معالجة الموقف، وهمة الشباب هي من يقوم بالتنفيذ وإنجاز المعالجة.
**هل الإنسان في هذا العالم ضل طريق الحكمة؟ وهل بالجملة تنقصه الحكمة؟
-نستطيع قول ذلك بدليل ما نشاهده من مشاكل فردية ومجتمعية ودولية في هذا العالم الواسع، وبفضل الله تعالى ثم بوجود الحكمة والحكماء يتم معالجة كثيرمن تلك المشاكل، وبالتالي فإن الإنسان تنقصه الحكمة بدون شك.
**في حياتنا مراحل إنسانية مختلفة من مرحلة الضعف إلى مرحلة القوة وهكذا.. ماذا تتذكرون من وقائع في ثنايا المراحل؟
-نعم، فالإنسان يمر بمراحل حياتية متعددة، تبدأ بمرحلة الطفولة وهي مرحلة الضعف والاحتياج الكلي لمساعدة الوالدين والأخوة، ثم مرحلة الفتوة والشباب وهي مرحلة الاعتماد على النفس وشق غمار الحياة، ثم مرحلة الشيخوخة ومراحلها من الاعتماد على النفس ثم الاعتماد الجزئي والكلي على الآخرين.
**ما بين الربح والخسارة أو الخسارة والربح.. كيف تصفون أصعب المشاعر وأجملها؟
-أصعب المشاعر التي تكون عند الخسارة؛ لما يشعر به الإنسان من مرارة، خصوصاً إذا كان لديه طموح كبير لتحقيق التقدم أو الربح، ولكن لسوء تقدير أو لتحديات كبيرة غير متوقعة.
**الحزن سمة إنسانية ثابتة.. هل احتجتم له يوما ما؟ وما هي أقسى لحظات الحزن التي مرت بكم؟
-صحيح الحزن سمة من سمات الإنسان، وكل شخص منا يمر بأوقات حزن مثل فقد قريب أو عزيز، وقد مررت بمثل هذا الموقف عندما فقدت والدتي يرحمها الله تعالى قبل سنوات قليلة ولازلت اتجرع ألم الفقد.
**التوفيق والسداد هبة من الله تعالى.. ما هي أكثر المواقف التي مرت بكم توفيقا وسدادا؟
-بحمد الله وفضله مررت بعدة مراحل من التوفيق والسداد، وأهمها عندما عُينت محافظا لمحافظة الجموم بتوفيق الله، ثم بنيل ثقة ولاة الأمر يحفظهم الله.
**بماذا نربط الحياة السعيدة من وجهة نظركم الشخصية؟
-نربط الحياة السعيدة بعدة أمور، وأهمها أداء الواجبات الدينية والأسرية والاجتماعية، وتحقيق النجاح في كل ما يكلف به الإنسان.
**هل نستطيع أن نعتبر السعادة أسلوب حياة؟
_نعم، فالسعادة أسلوب من أساليب الحياة.
**متى يصل الإنسان إلى محطات النجاح؟
-بعد توفيق الله ثم تقديم الجهد والمثابرة والإخلاص والتعاون يصل الإنسان إلى النجاح.
**ومتى تتوقف تطلعاتنا في الحياة؟
-التطلعات لا تتوقف خصوصاً عند الإنسان الحيوي وذو الفاعلية، ومن توقف عنده التطلع فقد انتهى.
**في الأغلب ننصف الإنسان بعد رحيله من دنيانا.. متى ينصف هذا الإنسان قبل أن يرحل؟
-مع الأسف هذا الأمر موجود في المجتمع، فعندما يرحل الإنسان تذكر محاسنه وينصف وقد يتم تكريم ورثته بعد رحيله، مع العلم أنه من الأولى أن ينصف بعد تحقيق النجاحات والإنجازات مباشرة، لتكون محطات شكر له ومحفز لمن بعده من الأجيال القادمة.
**في الاستشارة.. من يستشير ضيفنا الكريم في مواقفه الحياتية المختلفة؟ ولماذا؟ وما هي أهم استشارة مضت؟
-في الحقيقة الاستشارة أمر مهم وكنت أحرص على أن أستشير أصحاب الخبرة والرجاحة ومن أتوسم فيهم المصداقية والإخلاص، فهم بعد توفيق الله مصابيح الدجى الذين ينيرون لك الطريق الذي ستسلكه، والاستشارات التي مضت كثيرة وتتفاوت في أهميتها.
**متى غض النظر ضيفنا في المواقف المصاحبة له؟ وهل تذكرون بعض هذه المواقف؟
-غض النظر من مقاصد شرعنا الحنيف، ومن سلوكيات الحياة السعيدة، ومن يتحلى بذلك فهو في نعيم مقيم وسعادة دائمة، وعكس ذلك تماما من يتتبع المحرمات والشهوات والهفوات والزلات تجده في شقاء وبؤس دائم.
**هل ندمتم على سكوتكم يوماً؟ ومتى ندمتم على بعض كلامكم؟
-بالطبع كل إنسان يمر بحالات ندم؛ لسكوته عن أمر لا يجب السكوت عنه، وذلك لسوء تقدير موقف، أو لأن كلامه في أمر لم يوجب الكلام عنه فيندم أشد الندم، ولذلك حثنا ديننا على ثقافة الكلام والسكوت، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (رحم الله من قال خيراً فغَنِم، أو سكت فسَلِم)، وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: (يا معاذ أنت سالم ما سكت، فإذا تكلمت فعليك أو لك).
**في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أحاديثنا تختلف عن واقعنا.. إلى أي مدى صحة هذه الجملة؟
-مع الأسف صحيح إلى درجة كبيرة .
**في حياتنا اليومية هل افتقدنا حقيقة إلى الإنسان القدوة؟
-لم نفتقد الإنسان القدوة، ولا زالت الأمة بخير ويوجد قدوات كثيرة في المجتمع، ولكن لكثرة وسائل التواصل الاجتماعي المنتشرة وما تحتويه جعلت الإنسان القدوة لا وجود له.
**الأبناء في الوقت الحالي هل يحتاجون إلى الرأي والمشورة منا؟ وهل المسافات بعدت بيننا وبينهم؟
-نعم وأؤكد على حاجتهم للرأي والمشورة في الوقت الراهن، وبالفعل بعدت المسافة بين جيل الآباء وجيل الأبناء بسبب ما نعيشه من تطور سريع ومهول في وسائل التقنية وتعدد استخداماتها.
**الدنيا طويت على غرور.. متى وجدتم هذه العبارة ماثلة أمامكم؟
-نجد هذه العبارة ماثلة أمامنا في المجتمع الذي نعيشه، فالناس تجدهم يعملون ويكدحون في هذه الدنيا وكأنهم لن يموتون أبداً، ومع الأسف لا يدركون من سبقوهم إلى الدار الآخرة، حيث قال تعالى: {كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام}.
**من أنبل الناس في رأيكم؟
-أنبل الناس هو من يؤثر على نفسه.
**المحبطون هم أشد الناس تعاسة.. هل صادفتم هذه الفئة؟ وكيف تعاملتم معها؟
-لا شك أن المحبطون تعيسون وهم صخرة صلداء أمام التغيير والتطوير، ومع الأسف تجدهم في كل زوايا الحياة والتعامل معهم يتم من خلال تجاهلهم وتجاوزهم.
**هل ندمتم يوماً في النقاش مع أصحاب الوعي والإدراك؟ وهل ندمتم في النقاش مع غيرهم؟ ولماذا؟
-لا يمكن أن تندم في النقاش مع أصحاب الوعي والفكر، بل تزداد علماً من خلال المناقشة والحوار، وستجد معهم في نهاية المناقشة حلولاً منطقية، وعكس ذلك عندما يكون النقاش مع غيرهم، ستحل بك الندامة والأسف على إضاعة الوقت والجهد معهم.
**يعد الأمير خالد الفيصل مدرسة إدارية ذات نهج متميز.. كيف استفدتم من سموه أثناء عملكم في إمارة منطقة مكة المكرمة؟
-كان لي عظيم الشرف بالعمل تحت إدارة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، فسموه جامعة من الخبرة والمعرفة في علوم الإدارة والتنمية، فكانت توجيهاته بمثابة قواعد ومنهج إداري يحتذى بها، وفي تطبيقها تميز بارز يسطع في منجزات أعمال الإمارة.
**ما هي أبرز المواقف الإنسانية التي مرت بكم خلال عملكم الرسمي بالإمارة؟
-الحقيقة هناك العديد من المواقف الإنسانية التي مرت بي أثناء حياتي العملية بالإمارة، وذلك بحكم ارتباط الإمارة بقضايا المواطنين والمقيمين وضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين سطرها أمراء إمارة منطقة مكة المكرمة الذين تولوا سدة العمل بها – رحم الله من رحل منهم وحفظ الله من بقي -، وتلك المواقف الناصعة هي بدون شك انعكاس لمواقف حكام هذه البلاد المباركة التي هي بحق ترفع الرأس وتبيض الوجه، والمواقف الإنسانية كثيرة وكبيرة ولا يمكن حصرها.
**هل من كلمة أخيرة يوجهها ضيفنا الفاضل؟
-سعدت باللقاء معكم أستاذ عبدالرحمن، فأنت محاور ماهر وبارع في طرحك للأسئلة لاستخلاص الفائدة المرجوة من هذا اللقاء، وأتوجه لشخصكم الكريم بوافر الشكر والتقدير؛ لإتاحة الفرصة لنا لنطل على القراء الكرام من خلال صحيفتكم المميزة، آملين أن يكون ما قدمناه لهم مفيداً وثرياً، كما لا يفوتني أن أشكر جميع العاملين بصحيفتكم الغراء صحيفة “مكة” الإلكترونية المبدعة، التي تحظى بمتابعة السواد الأعظم من القراء، سائلين الله الكريم أن يحفظ بلادنا وولاة أمرنا والشعب السعودي من كل مكروه، ونبارك للجميع بحلول شهر رمضان المبارك، راجياً من المولى عز وجل أن يقبل الصيام والقيام وأن يعيدنا لمثله أعواماً عديدة وأزمنةً مديدة وكل عام والجميع بخير.