المقالات

العنف وقصة الجمل

عندما يكون بينك وبين طرف آخر مشكلة، جرب مرة أن تتعامل معه أو معها بالرفق واللين، والكلمة الطيبة، لتحل المشكلة معه، وجرب مرة التعامل معه بالشدة والانفعال والغضب والعصبية، لحل نفس المشكلة أو غيرها، ولاحظ تأثير المعاملتين عليكما معاً وعلى المحيطين المتأثرين بالمشكلة، فستجد أنك عندما تعاملت معه في المرة الأولى كنت مرتاحاً، وهادئ الأعصاب، وهو كذلك والمحيطين أيضاً وقد تتمكن من حل المشكلة معه، أو قد يقبل التفاوض معك لحل المشكلة، لأن هذا النوع من التعامل، كان يتخلله الاحترام والتفاهم والهدوء، وبهذا الأسلوب الحسن قد يقتنع بحل يناسب الطرفين، بل وجميع أطراف المشكلة.

أما التعامل الآخر كان يتخلله العناد والعصبية والصراخ والتنافر، وربما يصل الحال إلى العنف الجسدي والقتل، وتأثر الجميع صحياً ونفسياً، ويستمر توتر العلاقات بين الأطراف، وقد تتفاقم وتتشابك المشكلة، ولا يمكن الوصول بهذا الأسلوب إلى حل مرضي، وقد يتم الوصول إلى حل، ولكن مؤقتاً ثم تعود حليمة لعادتها القديمة، ويعود الكتان كما كان، لأن الحل كان بالإكراه وتم دون اقتناع أحد الطرفين، وقد ينتهي الحوار إلى ما لا يحمد عقباه .

وجهت الدكتورة خولة القزويني رسالة للزوج تقول فيها : “عزيزي الزوج تأكد أن العصبية والسب والشتائم جارحة للزوجة وقد تسبب لها مع الأيام أمراض نفسية وجسدية وفي النهاية تخلق نفوراً منك فكن رجلاً واكظم غيظك وتحلى بالهدوء والاتزان“.

كما أن النفس البشرية لا تقبل القسوة اللفظية وغير اللفظية، ولا قلة الاحترام في المعاملة مهما كان الشخص الصادر منه، حتى وإن كان أب، أم، زوج، مدير، وقد تكون ردت الفعل تمرد وعناد وعدم طاعة، وعنف، ولأن للصبر حدود على قول أم كلثوم رحمها الله.

الرفق في الأمور، والرفق بالناس، واللين، والتيسير، من جواهر عقود الأخلاق الإسلامية، وهي من صفات الكمال، والله سبحانه وتعالى رفيق، يحِب مِن عباده الرفق.
وقد جاء في حديث : “ما كان الرِّفْقُ في شيءٍ إلَّا زانَه ، ولا نُزِعَ من شيءٍ إلَّا شانَه” سبب وقصة، وهو ما روته عائشة رضي الله عنها أنها كانت راكبة على جمل «فيه صعوبة» يعني أنه غير مذلل ومطيع لصاحبه الراكبِ عليه، «فجعلت تمنعه وتدفعه بشدة وعنف وتحاول معه للركوب، فبين لها النبي صلى الله عليه وسلم أن الرفق لا يكون في شيءٍ -أي: لا يقصد استعماله في أي أمرٍ- إلا «زانه»، أي: إلا أَكمله وزينه، وأصبح ممدوحا محموداً، «ولا ينزع من شيءٍ»، أي: ولا يبتعد عن أمرٍ، إلا «شانه»، أي: عابه وجعله قبيحاً. والرفق هو لين الجانب بالقول والفعلِ، والأخذ بالأسهل، وهو ضد العنف. والحديث بيان لشمولية استعمالِ الرفق في الإنسانِ والحيوان.

وفي الحديثِ: فضل الرفق والحث على التخلق به، وذم العنف، وأن الرفق سبب كل خير.

قال الله تعالى:
“فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”

مستشار أسري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى