المقالات

اليوم السعودي للزواج الصحي

اعتمد معالي وزير الصحة مؤخرًا يوم 21 فبراير ليكون يومًا توعويًا للزواج الصحي يقام سنويًا كون المملكة العربية السعودية تعتبر من أوائل الدول الرائدة عالميًا وإقليميًا ببرنامج الزواج الصحي وإلزامية إجراء الفحوصات الطبية للمقبلين على الزواج بهدف الكشف المبكر عن أمراض الدم الوراثية والمعدية والحد من انتشارها من خلال رفع الوعي بأهمية الفحص والأخذ بالنتائج.

وكما أن الفحص الصحي له أهمية وأولوية تسبق الزواج، كذلك مثله في الأهمية الجانبين النفسي والاجتماعي فجميع تلك الجوانب مكملة لبعضها البعض في بناء أسرة مستقرة صحيًا ونفسيًا واجتماعيًا .

الزواج ((مشروع)) بناء أسرة ناجحة ومستقرة نفسياً واجتماعياً، فعندما نَصِف الزواج بالمشروع، فهذا يعني أنه بمثابة أي مشروع سواءً كان تجارياً أو تعليمياً، أو بناء منزل العمر، أو غير ذلك، بل إن الزواج هو أهم مشروع في حياتنا، وحتى نضمن النجاح الباهر والمنقطع النظير لمشاريعنا، لكي تدر عليناً عائداً مادياً أو معنوياً مجديا، ينبغي قبل تنفيذها على أرض الواقع أن نخطط لها جيداً، وأن نجري لها دراسة جدوى.

والبعض لكي يضمن نجاح مشروعه التجاري قبل افتتاحه يلجأ لمكتب متخصص متمكن ومتميز في عمل دراسات الجدوى العلمية فيدفع مقابل ذلك المال الباهظ، ليحصل على دراسة جدوى جيدة توضح له نتائجها مدى نجاح مشروعه من فشله وبناءً عليه يقرر “وقلبه جامد ومطمئن” إما الاستمرار به أو تغيير المسار إلى مشروع آخر مبني على دراسة جدوى علمية.

وكذلك الزواج، وهو أهم مشروع كونه في حال فشله قد تنتج عنه الخلافات الزوجية، والتفكك الأسري، والطلاق، وتعرض الأبناء للأمراض النفسية، وربما انحراف الأبناء، عندما يتم الزواج بشكل عشوائي، وبدون دراسة جدوى تكون النتيجة المتوقعة هي فشل الحياة الزوجية والأسرية.

لذلك من الواجب تقديم النصح والإرشاد للمقبلين على الزواج بأن يُعمِلوا العقل قبل العاطفة والأحلام، وأن يقوموا بإجراء دراسة جدوى، والتركيز على أهم معايير هذه الدراسة ونجاح مشروع الزواج التي يمكن بناءً عليها تقييم الخاطب والمخطوبة وهي ما وصى به نبينا محمد ﷺ: “إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض”، والقائل ﷺ : تنكح المرأة لأربعة لمالها، وجمالها، وحسبها، ودينها، وركز على الدين فقال: فاظفر بذات الدين تربت يداك، وهذا يدل أن قوة الوازع الديني وتقوى الله في كلا الطرفين (الخاطب والمخطوبة) هو أساس نجاح مشروع الزواج.

ثم تأتي بعد ذلك معايير أخرى ضرورية تساهم في نجاح الزواج بإذن الله، وهي أنه ينبغي قبل السؤال عن خلق الخاطب وخلق المخطوبة أن يتم السؤال أولاً عن خلق والديهما وعن علاقتهما وكيفية تعاملهما مع الآخرين، سواءً في البيئة الداخلية مع (أفراد الأسرة) ووضع الأسرة العام وسمعتها، أو عن كيفية التعامل مع الآخرين في البيئة الخارجية مع (الأقارب والجيران والعمل…الخ) فإن ذلك قد ينعكس على أخلاق وسلوك الزوجين وعلاقتهما الزوجية فيما بعد ويعطينا مؤشر في المستقبل عن نجاح مشروع الزواج أو فشله.

وكذلك من أسباب نجاح الزواج وانسجام الزوجين هو التجانس بين الزوجين في المستوى الديني والتعليمي والاجتماعي والاقتصادي والعمري، واجتناب تدخل الوالدين والأقارب وغيرهم من المحرضين والمفسدين لا المصلحين في حياة الزوجين.

وبإذن الله، فإن عمل دراسة الجدوى قبل الزواج وهي مراعاة تلك المعايير السابق ذكرها، سوف يخفف كثيراً ويخفض من نسبة المشاكل والخلافات الزوجية ومن الطلاق وتبقى بعض الخلافات بين الزوجين الطبيعية والتي لا يخلو منها بيت وعلى رأسها البيت النبوي، يمكن تجاوزها بالصمت أثناء نشوب الخلاف وبالتغافل، وإذا لزم الأمر ينصح بمراجعة المستشارين الأسريين.

قيل إن الإمام ابن حنبل سُئل: «أين نجد العافية؟» فقال: «تسعة أعشار العافية في التغافل عن الزلات»، ثم قال: «بل هي العافية كلها». التغافل فن من فنون الحياة التي كنت أتمنى أن تعلمه المدارس كمهارة حياتية مفيدة للفرد والأسرة والمجتمع.

مستشار اجتماعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com