كتب : فهيم بن حامد الحامد
ليس هناك رأيان أن رؤية ٢٠٣٠ تعد أنموذجًا ابداعيل عمليًا على عالميًا منفردًا في تجسيد الجمع بين الأصالة والمعاصرة في كل مناحي الحياة السعودية ومجالاتها المختلفة وشراكاتها العالمية ومشاركاتها الأممية، حيث حرصت الرؤية ٢٠٣٠ بمفاصلها الحيوية في تعظيم الأصالة في في إثراء المعاصرة والحفاظ على العادات والتقاليد والموروث والقيم الإسلامية النبيلة وتكريس التسامح والتعايش وفهم ثقافة الآخر وعدم الإقصاء والتهميش، في تناغم قلَّ أن نجده في أي برامج أومبادرات عالمية.
والتقرير الذي أصدرته المملكة عن مخرجات الرؤية ٢٠٣٠ لعام ٢٠٢٤ عكس ما تحقق من نتائج بالأرقام والإحصاءات المشرفة التي تحققت بامتياز واقتدار.
وعندما نتحدث عن نجاح الرؤية في الجمع بين الأصالة والمعاصرة؛ فنحن أمام أنموذج وسطي إثرائي إبداعي متفرد؛ يتمثل في رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، حيث تميزت المنظومة الدينية لنمذجة هذا المفهوم نصًا وروحًا على أرض الواقع، وعكست خططها الإستراتيجية ومبادراتها التخصصية وبرامجها الإثرائية في إيثاق المعاصرة بالأصالة والنمذجة؛ إذ حرص رئيسها معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس -حفظه الله- على هندستها إثرائيًا وتعبديًا وإيمانيًا لكي تتناغم مع رؤية ٢٠٣ وتتماهى مع هوية الرئاسة ومنطلقاتها، خصوصًا بعد الموافقة على الترتيبات التنظيمية وانطلاق الرئاسة متجددة بقوة نحو إيصال رسالة الحرمين الوسطية للعالم، وفق مفهوم الأصالة والمعاصرة عبر إعداد برامج إثرائية شاملة طويلة المدى لتحقيق الأثر العالمي.
لقد تفاعلت الرئاسة الدينية منذ اليوم الأول من إعلان الرؤية لضمان تنفيذ مفاصلها التعبدية المتعلقة بإثراء تجربة القاصدين والزائرين إيمانيًا والتزام التحول المؤسسي المحوكم، ووضعت البرامج والخطط المنسجمة مع الرؤية، وأطلقت العديد من المبادرات والمشاريع المحققة لأهداف الرؤية ورسمت خطتها الإستراتيجية الإثرائية من خلال مستهدفات ومبادرات تحقق من مجملها ما يخص الحرمين الشريفين في رؤية المملكة ٢٠٣٠.
ويحرص معالي رئيس الشؤون الدينية دائمًا على التأكيد في كل اجتماعاته أن رؤية المملكة ٢٠٣٠، التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ تمثلت أولى ركائزها في اعتبار المملكة عمقًا للعالمَين العربي والإسلامي، بما منحها الله من مكانة دينية، وأصالة ثقافية موغلة في جذور التأريخ، وريادة إسلامية وسطية عالمية، وأن الرئاسة ماضية في تعضيد المنطلقات المعاصرة بالأصالة.
وجدد معاليه في تصريحه بمناسبة الإعلان الرسمي عن مخرحات الرؤية المباركة ٢٠٣٠ ما التزمت به الرئاسة قولًا وفعلًا على حرصها في الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وترسيخ منطلقات الأصل الديني الوسطي، وتكريس قيم التسامح والاعتدال، وتعزيز العمق الإسلامي الجغرافي الإستراتيجي لبلادنا المباركة، وخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، وإثراء تجربتهم التعبدية.
لقد مضت الرئاسة قدما في تنفيذ إستراتيجيتها وخططها ورؤيتها المستقبلية ومستهدفاتها على مرتكزات الرؤية المباركة ٢٠٣٠، واستلهمت منها ووثبت لاستثمار جيل الشباب المبدع، والعقول النيرة وطاقاته المتجددة؛ لتعزبز مفهوم الأصالة والمعاصرة؛ كون الرؤية تعد رحلة نحو مستقبل مشرف حافل بالفرص لشباب المملكة الطموح، وهي أكبر وأعمق خطة وطنية نحو التجديد والإصلاح الموحكم؛ إذ تحولت معها الأحلام والآمال إلى واقع مشاهد مليء بالإنجازات وتحقيق المستهدفات في المنظومة الدينية؛ لبث رسالة الحرمين الشريفين والتوعية الدينية والإرشادية والتوجيهية والدعوية على وجه تخصصي متفرد.
ومنذ إطلاق رؤية المملكة ٢٠٣ عام ٢٠١٦م، التي اعتمدها خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وأطلقها سمو ولي العهد والمملكة تشهد تحولًا تأريخيًا غير مسبوق في الريادة الدينية العالمية، وتكريس قيم التسامح والوسطية والاعتدال والانطلاق بقوة نحو عالم التقانة ومواكبة تحولاته الذكية الحديثة في الحرمين، وتوفير الخِدمات الرقمية الإيمانية عبر منصاتها المتطورة؛ لتعزيز الوسائل والأساليب التقنية الذكية؛ لإيصال رسالة الحرمين الشريفين الدينية باللغات العالمية مواكبة لرؤية ٢٠٣٠.
ونجد في الحزمة الإثرائية الذكية التي أطلقها معالي رئيس الشؤون الدينية مؤخرًا تجسيدًا لروح الأصالة والمعاصرة، واستثمارًا للتقنيات الذكية؛ مواكبًا للتحول الرقمي الذي يعد من مرتكزات رؤية ٢٠٣٠، حيث أطلقت الرئاسة الشاشات التفاعلية الذكية بعدة لغات والروبوتات الاصطناعية بعدة لغات (روبوت منارة للذكاء الاصطناعي) والمقرأة العالمية الذكية بعدة لغات والمركز التوعوي الإثرائي المتنقل الذكي، وتطبيق سورة الفاتحة الذكي؛ تعزيزًا لرسالة الحرمين الوسطية، ونشر الإسلام الحق وقيمه المثلى من قلب الحرمين الشريفين عالميًا، وعكس الصورة المشرقة الحضارية للمملكة، وخلق قيمة تنافسية، وتيسير خدمة القاصدين والزائرين دينيًا، ومواكبة التحولات العالمية الملائمة لبيئة الحرمين الشريفين الوسطية، وابتناء أعمال المنظومة الدينية على الحوكمة والعمل المؤسسي الرصين، وقياس أثر الأداء، ورضا القاصدين والزائرين، وتلبية احتياجاتهم الدينية بنمط حديث معاصر، ومرونة جاذبة، خصوصًا أن رؤية ٢٠٣٠ وضعت ضمن جداولها وصول عدد المعتمرين إلى ٣٠ مليونًا بحلول ٢٠٣٠؛ وهذا حتمًا يتطلب إعادة تموضع للرئاسة لتعزيز قدراتها الإثرائية وتعضيد مفهوم الأصالة والمعاصرة، ودعم الابتكار والإبداع والتميز والتجويد في الخِدمات، وتحفيز الكفاءات الوطنية الشابة على المضي قدمًا في خدمة قاصدي الحرمين الشريفين، واستثمار رأس المال البشري تحقيقًا لتطلعات القيادة الرشيدة في ظل الأعداد المليونية والازدهار الكبير الذي تشهده منظومة الخِدمات التعبدية في المسجد الحرام والمسجد النبوي.
معالي رئيس الشؤون الدينية كان محقًا عندما قال: “رؤية ٢٠٣٠ رسمت خارطة وسطية لإيصال رسالة الحرمين للعالم”.
*كاتب ومحلل استراتيجي