لطيبة الطيبة إرث حضاري وديني وسطي عريق، يزداد عمقًا وتأثيرًا مع مرور الزمن؛ نظرًا لارتباط المدينة المنورة بالمسجد النبوي الشريف، رمز النبوة ومركز الإشعاع الروحي والوسطي والفكري في العالم الإسلامي، حيث يمتد عمق المدينة تأريخيًا في جميع الاتجاهات: شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، وتروى سيرتها عبر العصور في كتب التأريخ، وقلوب المحبين، ومآذن الحرمين.
لكن يبقى الأهم اليوم هو كيفية نقل هذا الإرث العميق إلى العالم بلغة الحاضر ، عبر قصص نجاحات علمية مؤصلة إثرائية تنطلق من المدينة المنورة وتُروى بلغات متعددة؛ لتعكس الرسالة العالمية للمسجد النبوي، كمنارة للوسطية والتسامح والاعتدال وتبرز بحوث ودراسات المدينة المنورة الرصينة .
إن سرد تجربة المدينة المنورة ليس مجرد توثيق لماضٍ مجيد، بل هو أيضًا استثمار في مستقبل مليء بالقيم الإسلامية النبيلة، يعكس دورها في صياغة خطاب إسلامي وسطي عالمي، قادر على مخاطبة الإنسان أيًّا كان دينه أو ثقافته، برؤية تقوم على السلام والتسامح والعيش المشترك.
ولهذا كان لزامًا إنشاء جهة تختص بتراث المدينة المنورة لجمعه وتمحيصه وحوكمته؛ ليكون مسارًا إثرائيًا للأجيال الحاضرة والقادمة؛ خدمةً لمدينة رسول الله ﷺ، وإبراز إرثها، حيث أنشئ مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، بتاريخ 27 / 1 / 1418هـ؛ ليكون مركزًا علميًا يُعنى بالبحوث والدراسات العلمية ذات العلاقة بالمدينة المنورة؛ للإسهام في تقديم ثقافة معرفية متجددة، وتعزيز الانتماء الوطني وبشراكة مجتمعية فاعلة لخدمة حضارة المدينة المنورة وتراثها وصرح معرفي، يجمع بين الريادة والتميّز في مجال البحوث والدراسات بالمدينة المنورة استشعارا بشرف المكان وقدسية المدينة المنورة.
( رؤية استراتيجية إثرائية عالمية للمركز )
وليس هناك رأييان أن مركز بحوث ودراسات المدينة مرَّ بتجارب متعددة، حققت مسارات إثرائية نوعية ؛ الأ أن المرحلة الحالية تتطلب رؤية استراتيجية إثرائية بعيدة المدى لنقل نجاحات المركز الى العالمية وفق رؤية 2030 وصناعة الأثر العالمي لقصصه وتراثه وتأريخه الحضاري والثقافي والعلمي الوسطي الذي لم يروى بعد.
(تقدير عالي لاختيار أمير المدينة)
ومن الأهمية بمكان: الحديث عن قرار سمو أمير منطقة المدينة المنورة -حفظه الله-؛ بتعيين إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور صلاح بن محمد بدير ، مديرًا لمركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، الذي حظي بكثير من الاهتمام والاستحسان والتقدير من كافة الأوساط في المملكة العربية السعودية وبشكل خاص في المجتمع المدني.
( تعزيز الحضور العلمي والفكري )
ويُعد فضيلة الشيخ صلاح بدير من الكفاءات الوطنية الدينية المتميزة، حيث يمتلك خبرات ثرية ومتنوعة في المجالات الإثرائية التعبدية، بالإضافة إلى دوره البارز في إيصال رسالة المسجد النبوي الوسطية إلى العالم، ما يسهم في تعزيز الحضور العلمي والفكري والديني للمدينة المنورة على الصعيد العالمي.
وثمًَن المتابعون هذه الثقة الكريمة من لدن سموه الكريم، وعدُّوها تأكيدًا على تقدير القيادة الرشيدة حفظها الله لأئمة المسجد النبوي، ودورهم في تعزيز قيم الوسطية والاعتدال.
( الجمع بين المنبر والاخلاق النبوية)
ويعكس قرار سمو أمير منطقة المدينة؛ الثقة الكبيرة التي يحظها بها أصحاب الفضيلة أئمة الحرمين الشريفين؛ إذ يُعد فضيلة الشيخ صلاح بدير من الشخصيات الإسلامية البارزة التي جمعت بين الرسالة العلمية والخطاب الوسطي المعتدل، من خلال منبر المسجد النبوي الشريف، الذي كان ولا يزال صوتًا للوسطية والاعتدال والتسامي والأخلاق النبوية الحميدة.
( نموذج عالمي وسطي حضاري )
وتُعد المدينة المنورة في فكر الشيخ صلاح بدير النموذج العالمي الحضاري التي تجسد القيم الاسلامية النبيلة المعتدلة في أبهى صورة؛ المدينة التي كانت وما تزال منطلقًا للرسالة الوسطية، ومركزًا لنشر العلم والعدل. هذه الرؤية تجعل من إدارته لمركز بحوث ودراسات المدينة امتدادًا طبيعيًا لفكره، وفرصة لتحويل رؤيته الفكرية إلى برامج ومشاريع بحثية تُخاطب العالم بلغة رصينة.
( ايصال رسالة بلغة العالم)
ويُتوقّع المهتمون أن يسهم تعيين فضيلته في إحداث نقلة نوعية في مسار المركز، من خلال تعزيز حضوره في البحث العلمي والمعرفي المتخصص بتأريخ المدينة المنورة وتراثها، وربطه برسالة الحرمين الوسطية في نشر الاعتدال والعلوم الإسلامية، بما يعزز من مكانة المدينة عالميًا كمركز إشعاع وسطي وفكري حضاري؛ ليشكل محطة لافتة في مسار تعزيز العمل المؤسسي البحثي المرتبط بأقدس البقاع وأعمقها أثرًا في الوجدان الإسلامي.
(أمضى ردحًا من الزمن في المحراب)
ويُمثِّل تعيين شخصية بارزة أمضى أعوامًا عديدة في محراب رسول الله ﷺ بحجم فضيلة الشيخ صلاح بدير ، المعروف بخطابه الوسطي، وتجربته الطويلة في الإمامة والخطابة، خطوة تعبِّر عن تكامل الأدوار بين المنبر والإرث النبوي والمسؤولية البحثية والعلمية الرصينة، فالشيخ صلاح بدير لا يعبِّر فقط عن الخطابة الوسطية التوعوية الإثرائية فحسب؛ بل عن حضور معرفي وعلمي وفكري تشكَّل عبر سنوات من العمل في الحقل الخطابي الدعوي والتأصيلي المحوكم.
( تعزيز مقومات القوة الفكرية )
وليس هناك رأييان في ذات الوقت أن المركز يعد واجهة علمية حضارية تُعنى بتأريخ المدينة المنورة وتراثها، تحتاج لتعضيد وتعظيم وتعزيز لدوره المهم مع دراسة الإرث المدني المعطر بذكرى وذاكرة سيدنا الانام، وربطه بالحاضر وآفاق المستقبل. ودراسة سيرة النبي ﷺ والوقائع الكبرى التي شكَّلت ذاكرة المدينة منذ صدر الإسلام حتى يومنا هذا؛ تحقيقًا لتطلعات ولاة أمر بلادنا المباركة، الذين يحرصون على خدمة الحرمين وقاصديهما وسرد قصص النجاح لمكة المكرمة والمدينة المنورة للعالم.
(دراسة واقع المركز وتحديد مستهدفاته)
ومن المتوقع أن يقوم فضيلة الشيخ صلاح بدير بدراسة واقع المركز الحالي وتحديد عناصر التحديات؛ لتحويلها إلى فرص إيجايية، وتحديد مستهدفاته المستقبلية الإثرائية، وفق خطط زمنية، وتعظيم مناطق القوة وإمكانية توسيع النطاق الإداري للمركز، والممكنات ووضع حوكمة وقياس أثر للمخرحات، وفق توجيهات سمو أمير منطقة المدينة المنورة؛ لكي لا يصبح المركز مؤسسة علمية حضارية وسطية تأصيلية مؤثرة فقط في الحقل البحثي المحلي؛ بل على المستوى الفكر الاستراتيجي العالمي الوسطي الإثرائي بعدة لغات؛ لإبراز الصورة الوسطية المشرقة للمدينة والمملكة كمركز إشعاع حضاري يخاطب العالم بلغاته.
(الربط بين البحوث وإرث المسجد النبوي)
ويؤكد القريبون من فضيلة الشيخ الدكتور صلاح البدير أنه بخلفيته الدينية الوسطية، وحضوره الإثرائي المتفتح في الحرم النبوي؛ فإنه سينجح في ربط البحوث والدراسات التي يُنتجها المركز بالقيم السمحة التي يُمثلها المسجد النبوي؛ من تسامح، ووسطية، ومكانة روحية عالمية فريدة. وبالتالي فإن تعيينه يشكل مواءمة دقيقة بين من يحمل الخطاب الوسطي من على المنبر النبوي، ومن يدير الرؤية البحثية من المركز في المدينة النبوية، في توأمة إبداعية إثرائية راسخة في سياق رؤية المملكة 2030، التي تركز على تعزيز الهوية الوطنية، وصون الإرث الإسلامي، وتقديمه للعالم بطريقة علمية وموثوقة محوكمة.
وإذ يتولى فضيلة الشيخ صلاح بدير إدارة المركز؛ فإن مهمته لن تقتصر على توجيه البحث العلمي والأكاديمي، بل على دمج رسالة المسجد النبوي مع المركز برؤية حضارية وسطية معاصرة؛ لما بينهما من وثاق وارتباط مكين.
(التكامل بين الفكر المنبري والبحثي)
ويؤشر هذا التعيين إلى مرحلة جديدة من التكامل بين الفكر المنبري الإثرائي الوسطي والبحثي الرصين في المدينة المنورة، ويؤكد العزم في حرص المملكة على إظهار صورة المدينة المنورة ليس فقط كمدينة إشعاع ووسطية؛ بل كمركز معرفي عالمي.
وفضيلة الشيخ صلاح بدير بما يمتلكه من قبول وإرث علمي ورؤية وسطية ومكنة بحثية؛ مؤهل لإحداث هذا التحول الإيجابي المنشود، وربط تأريخ المدينة المجيد برؤيتها المعاصرة، خصوصًا أن فكر فضيلته بسمات واضحة ومترابطة؛ جعلته أحد أبرز وجوه الخطاب الإسلامي المعتدل المعاصر، وجعلت من تكليفه بإدارة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة قرارًا استراتيجيًا إثرائيا ذا أبعاد علمية وفكرية ورؤية مستقبلية عالمية.
(مرجعية علمية وسطية أصيلة)
وينطلق الشيخ صلاح بدير من مرجعية علمية أصيلة؛ تقوم على الوسطية والاعتدال، مع إدراك عميق لفهم الواقع ومقاصد الشريعة النبيلة. ومن خلال خطبه المنبرية بالمسجد النبوي وخطبه في رحلاته الدعوية خارج المملكة؛ تشكَّلت بصمته الفكرية في تبني خطاب وسطي يجمع بين النصوص الشرعية والرؤى الإسلامية المقاصدية، وعزز خطابه بناء وعي ديني يحقق الطمأنينة والقيم الإسلامية والإنسانية، ويؤكد على التماسك والوحدة الوطنية ورفض التشدد والانحلال والغلو والتطرف.
ويُعد تعيين فضيلته في هذا الموقع استثمارًا لخبرته في تطوير المحتوى المعرفي والبحثي المرتبط بالمدينة، بما يخدم رؤية المملكة 2030 ورسالتها الإسلامية وريادتها الوسطية.
(تناغم مع رئاسة الشؤون الدينية)
ومن المؤكد أن رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي ستسعى لتعزيز التكامل مع المركز مع وجود فضيلة الشيخ صلاح بدير في أعلى هرمه، الأمر الذي سيُسهم في توحيد الرسالة بين المنبر والبحث العلمي، ويعزز من انسجام الأدوار بين مركز البحوث والرئاسة، خاصة في مجالات التأصيل العلمي وتطويره وبرامج الإثراء المعرفي، فضلًا عن توثيق تراث المدينة المنورة وربطه بالخطاب الدعوي المعاصر، الذي لم ولن ينفك عن رسالة المسجد النبوي التخصصي من يوم وضع لبناته بيد المصطفىﷺ إلى أن تقوم الساعة*
# محلل استراتيجي