المقالات

التحول من القول إلى الفعل… مؤتمر الاتصال الرقمي بجامعة الملك عبد العزيز نموذجًا لوعي أكاديمي متجدد

في زمن تتسارع فيه أدوات الإعلام، ويتحوّل فيه الاتصال من وسيط إلى بيئة متكاملة، جاء مؤتمر الاتصال الرقمي الأول بجامعة الملك عبد العزيز ليؤكد أن المؤسسات الأكاديمية لم تعد خارج دائرة الفعل، بل في قلبه، بل وصانعة له.
تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز، نائب أمير منطقة مكة المكرمة، انطلقت أعمال المؤتمر في جدة خلال الفترة من التاسع والعشرين من إبريل حتى الأول من مايو 2025، في مركز الملك فيصل للمؤتمرات، بتنظيم من كلية الاتصال والإعلام، تحت شعار: “الاتصال.. إعلام وأكثر”.

ما شهدته قاعات الجامعة لم يكن مجرد برنامج أكاديمي تقليدي، بل فعالية مشبعة بالحيوية المعرفية، استقطبت 142 باحثًا من 56 جامعة يمثلون 13 دولة، واحتضنت جلسات علمية وورشًا متخصصة وملصقات بحثية، إضافة إلى أكثر من 120 مشروع تخرج، جميعها تحاكي الواقع الإعلامي الجديد بلغة تحليلية وتطبيقية في آنٍ واحد.

لطلاب الإعلام، كانت هذه الأيام الثلاثة فرصة لا تُعوّض للتعلّم من الميدان مباشرة، والتواصل مع صناع الإعلام والباحثين والخبراء. فالمؤتمر قدم حالة فريدة من الدمج بين النظرية والممارسة، وخلق مسارات حوارية حيّة حول تحولات الإعلام الرقمي، ومستقبل صناعة المحتوى، والتعليم الإعلامي، واستراتيجيات الاتصال المؤسسي، في ظل ثورة تقنية لا تتوقف.

ومن بين المشاركات المميزة، حضرت صحيفة مكة الإلكترونية ممثلة في الأستاذ عبدالله أحمد الزهراني، رئيس تحرير الصحيفة، الذي قدّم ورقة علمية بعنوان: “تأثير تقنيات تعدين البيانات على اتخاذ القرارات الاستراتيجية في مؤسسات الإعلام السعودي”، استعرض فيها كيف يمكن للبيانات الضخمة أن تتحول إلى أداة فاعلة في خدمة القرار الإعلامي، ورفع كفاءة الأداء، وتعزيز قدرة المؤسسات الإعلامية على فهم جمهورها وتحسين أدواتها التفاعلية.

لقد كان لحضور أ. عبدالله الزهراني بصفته المهنية والعلمية أثر ملموس، ليس فقط بما قدّمه من محتوى، بل لكونه مثالًا حيًا على تكامل الممارسة الصحفية بالتحليل العلمي، وانفتاح الصحافة المحلية على النقاش الأكاديمي في قضايا التقنية والاتصال.

وفي ختام هذه التظاهرة المعرفية الثرية، لا يسعنا إلا أن نرفع خالص الشكر والتقدير لجامعة الملك عبد العزيز، وكلية الاتصال والإعلام، على هذا التنظيم المحكم، والحس الأكاديمي العالي، والروح العملية التي اتسمت بها جلسات المؤتمر، مع شكر خاص للدكتور أيمن باجنيد، عميد الكلية، على جهوده البارزة وحرصه على إخراج المؤتمر بصورة تليق بمكانة الجامعة، كما نثمّن دور جميع اللجان التنظيمية التي عملت باحترافية خلف الكواليس لتوفير بيئة علمية رفيعة المستوى.

لقد أثبت هذا المؤتمر أن الجامعات لا تصنع خريجين فحسب، بل تصنع الوعي، وترسم ملامح المهنة، وتؤكد أن الإعلام الجديد لا يُبنى على التقنية وحدها، بل على الفكر الذي يوجّهها والإنسان الذي يُتقن استعمالها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى