المقالات

مثاليته الحادة نَفَّرَتْه من الناس

يرى المثقف عزيز ضياء أن حمزة شحاته ((لم يُكْتَشَف)) فرغم كل ما كُتِب عنه فإنه في نظر عزيز ضياء ما يزال غير مُكْتَشَف إنه رائدٌ نهضويٌّ سابق لعصره إنه مفكر وحكيم وأديب وشاعر وناثرٌ مبدع وعازف ماهر على العود ….
إنه في التعليم النظامي لم يتجاوز المرحلة الثانوية لكن إنتاجه الفكري والشعري والأدبي قد جعله موضوعًا لأطروحة دكتوراه ولرسالتَي ماجستير والمزيد من الأطروحات في الطريق فسيظل تراث حمزة شحاته حيًّا ومتجدِّدًا ومغريًا بالمزيد من الدراسة وإبراز ما تحويه حياته وتراثه من دلالات وكنوز …..
كما أن تراثه قد حظي باهتمام النقاد والباحثين والدارسين فبمبادرة من وزارة الإعلام والثقافة ومن نادي جدة الأدبي أقيم ملتقى نقدي حاشد لدراسة تراثه الثري وقد استمر الملتقى خمسة أيام شارك فيه عدد كبير من أساتذة النقد والدارسين والباحثين والصحفيين …..
إن حمزة شحاته قامة عظيمة يستحق ذلك الاهتمام والاحتفاء الحاشد وكان الملتقى برعاية معالي وزير الإعلام والثقافة آنذاك الأستاذ إياد مدني ….
وليس هذا سوى جانب واحد من جوانب الاحتفاء بتراث حمزة شحاته فهذا التراث كان موضوعًا لأطروحات أكاديمية فقد قدَّم عنه عبدالله الغذامي أطروحة دكتوراه في جامعة اكسترا في بريطانيا وهي (دراسة نقدية عن شعر حمزة شحاته) والكتاب مطبوع ومتداول تحت عنوان (الخطيئة والتكفير) وقد نال الكتاب فور صدوره شهرةً واسعةً ومثَّل منعطفًا مهمًّا في المشهد الثقافي السعودي …..
وللدكتور عاصم حمدان كتابٌ بعنوان (قراءة نقدية في بيان حمزة شحاته الشعري) وتصدَّرتْ الكتاب مقدمةٌ ذات دلالة للأديب المفكر عبدالله عبدالجبار ……
كما أن الكاتب المعروف عزيز ضياء أعدَّ عنه دراسة عنوانها ذو دلالة عميقة فالكتاب بعنوان (حمزة شحاته: عُرِفْتَ ولم تُكتَشَف)
أما رئيس نادي جدة الأدبي الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين فله عنه كتابٌ بعنوان (حمزة شحاته: ظَلَمَه عصره)
أما حسين بافقيه فيكتب عن (مضايق الشعر) ويرى أن الشاعر حمزة شحاته ليس مجرد شاعر وإنما هو صاحب نظرية في الشعر
…..
أما عادل الزهراني فله عنه كتابٌ بعنوان (جدلية الوجود والعدم: دراسة فلسفية)
حمزة شحاته نشأ يتيمًا وكفله آل جمجوم واكتفى من التعليم النظامي بالمرحلة الثانوية وكوَّن ذاته تكوينًا زاخرًا جعل إنتاجه موضوعًا للأطروحات والدراسات …..
حمزة شحاته صاحب رؤية مثالية وكانت رؤاه وأفكاره متقدمة على من حوله لذلك ضاق بالناس ذرعًا فاعتزل الناس وكان يقول: ((تمت عزلتي ولم تعد لي علاقة بأحد إلا بالمقدار الذي لا يزيد عما يتهيأ لأي نزيل في فندق صغير))
ولكي يضمن لنفسه العزلة التامة انتقل من الحجاز إلى مصر فعاش وحيدًا مع الكتب والشعر والكتابة وكان يرى أن الحياة البشرية مشحونة بالغدر والخيانة والغباء والتنافس والحسد وبكل ما يجعل العلاقات غير سَوِيَّة ويجعل الحياة مشحونة بالنكد …..
لذلك لم يكن قادرًا على التلاؤم مع الواقع فرؤيته للحياة هي رؤية مثالية لقد تشبَّع بالفكر الفلسفي وصار يتوق إلى حياة مثالية فلم يسترح لهذه الدنيا المليئة بسوءات الناس فلم يجد حلًّا إلا بأن يعتزل الناس ويعيش وحيدًا بين كتبه فهي خير جليس وهي أفضل أنيس ….
كان عازفًا ماهرًا على العود كما أنه في عزلته قد وجد في الموسيقى ملاذًا يعبر من خلاله عن مشاعره وكان الليل رمزًا مهما في كتاباته وكان يقول: (( أنا والليل شبيهان: جلالًا وقوةً وحياءً))
حتى في الزواح تزوج ثلاث مرات لكنه لم يجد المرأة التي تناسبه فبقي معتزلًا عازبًا وكان يقول:
((الزواج الأول غلطة والثاني حماقة والثالث كان انتحارًا)) وقد أنجب بنتًا سماها شيرين ثم عاش وحيدًا عازبا فالكتب هي أنيسه وهي سلواه والشعر هو بوحه …..
وهكذا نكون أمام مبدع اكتفى من التعليم النظامي بالمرحلة الثانوية فكوَّن ذاته بذاته تكوينا باذخًا في رهافته وتنوعه وشموخه فتنوعت مجالات إبداعه حتى صار تراثه موضوعا لعدد من الأطروحات الأكاديمية وللملتقيات النقدية والدراسات الجادة …..
ليس الهدف من هذا المقال القصير التعريف بحمزة شحاته فهو أشهر من أن يُعَرَّف ولكن الهدف هو التذكير بعبقري أنجبته هذه البلاد فاجتهد بأن يضيء الطريق وأن يستنهض الهمم وأن يدفع إلى الانفتاح ويلح بالدعوة إلى الانطلاق نحو الواعد المشرق من الآفاق..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى