همس الحقيقة
كل الأنظار حتمًا ستتجه في هذه الجولة إلى مباراة الاتحاد والشباب، حيث تترقب العيون من سيكسب هذا الرهان “الخفّي”، الذي يشبه معركة تحدٍّ بين أسطورتين من أساطير الكرة. الأول هو الأسطورة العالمية، قائد نادي الاتحاد كريم بنزيما، والثاني هو أسطورة المغرب والكرة العربية، قائد نادي الشباب عبدالرزاق حمد الله. من منهما سيهز الشباك ويقود فريقه إلى ثلاث نقاط ثمينة وفوز غالٍ جدًا، والذي حتمًا سيبقى في ذاكرة تاريخ الدوري السعودي والجماهير كافة.
“الحكومة” يدرك تمامًا مهمته ومسؤوليته في هذه المواجهة، وفق نظرة ذات بُعدين لا ثالث لهما:
الأول، المحافظة على الصدارة بمشاركة العدو اللدود الهلال، بتحقيق انتصار لا يمكن التفريط فيه، خاصة وأن المباراة تقام على ملعب الاتحاد وبين جماهيره.
أما البعد الثاني، فهو علاقة الساطي بجمهور الاتحاد، الذي سبق له أن أسعدهم قبل موسمين بتحقيق بطولتي الدوري والسوبر. انتقاله إلى نادي الشباب جاء كما يُقال “مرغمًا أخاك لا بطل”، في ظل ظروف فرضت عليه اتخاذ هذا القرار القاسي، بسبب اعتزازه بنفسه وإيمانه بنجوميته التي لا تقبل التهميش.
حمد الله، الذي أثبت جدارته على مدار المواسم، وضع نفسه في صدارة هدافي الدوري السعودي متفوقًا على لاعبين عالميين مثل بنزيما الذي لا يمكن أن ينكر أحد قيمته الفنية وحجم نجوميته العالمية الساطعة، إلا أن الأرقام تتحدث هذا زمن حمد الله.
أما موقف الساطي، فمن المؤكد أنه صعب للغاية. فلا يمكن له أن ينسى علاقته بالكيان الاتحادي، وبالذات الجماهير التي هتفت باسمه قائلة: “يا حمد الله”، وتضرب من تحت الحزام من فرطوا فيه بأهزوجة “سابوا ليه” ولا يدري كيف كيف سيكون موقفه إذا سجل هدفًا في مرمى الحبيب السابق؟ لتهتف جماهير الليث أهزوجة “سابوا ليه” وكيف له أن يقفز فرحًا بهدف يحرزه، أو فوزًا يصنعه على ملعب كان يومًا ما مسرحًا لتغني الجماهير باسمه؟
من المؤكد أن حمد الله، في الليلة التي سبقت المباراة، راودته كل هذه الأفكار المتشوقة والمشوشة. وموعد جديد وع حب جديد وماضي يدعوه إلى خوض معركة شخصية جديدة وتحدٍّ مع من “خطف” شارة القيادة ورقم 9 منه. وهنا مربط الفرس، فهو لاعب تُشعل الغيرة نيرانها في صدره، ولا يقبل التنازل عن عرشه بسهولة. هكذا كانت قصته مع الاتحاد والنصر حتى مع منتخب بلاده.
وفق هذه المعطيات الجذابة والقاهرة، على كريم بنزيما أن يحسب ألف حساب لهذه المواجهة، فهو أمام تحدٍّ كبير قد يجد نفسه في موقف لا يُحسد عليه. وقد تكون هذه إحدى أصعب اللحظات في مسيرته الكروية، حين يستثمر حمد الله الفرصة المناسبة في الليلة المناسبة، ليُعيد الاعتبار لنفسه. في حال ترك الحكومة “الساطي” يسرح ويمرح، ليفوز في معركة «يخطف» بها قلوب جماهير الاتحاد مجددًا. وبدلًا من الاحتفاء ببنزيما، قد تعود الجماهير للاحتفاء بحمد الله، وتنشد أهزوجة جديدة: “حمد الله يا زينه.. وبنزيما وينه”.