كنت قدمت عدة نكات سياسية في مقال سابق بعنوان النكتة ما تعذر، وبحكم أني من العاشقين للنكتة وخاصة السياسية، فلعلنا نتشارك قفشات ونكات سياسية أخرى، وخاصة أن هموم الحياة متلتلة، ووين ما رحت الحبل مزرور.
القفشات السياسية ولا شك بأن لها أبعاداً اجتماعيةً واقتصاديةً وشخصيةً أيضاً. فبحجم الشخص الذي يكون سيناريو النكتة يدور حوله تحلى وتتفاعل ويكون لها القبول والترداد.
النكتة في الغالب هي نبض المجتمع، تعلن عن رضائه وعن سخطه. ولا يجب أن ننسى أن الشخصيات السياسية لها محب وكاره. ولكن هناك أحياناً شبه إجماع على رأي معين لهذا أو ذاك، وهناك شخصيات لا تنزل للناس سيرتها من زور. هكذا، ليس لها قبول مهما تحاول وتتجمل. ومن خلال النكتة الشعبية تستطيع أن تأخذ لمحة خاطفة تعطيك انطباعاً عن تلك الشخصية التي تدور حولها النكتة.
ونبدأ من أمريكا. جورج بوش الابن من الشخصيات التي كانت محوراً للانتقاد سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، وخاصة في قراراته العسكرية، ويتهمه -بالذات- خصومه بعدم الذكاء.
ومن ضمن النكات التي طالته:
أنه كان في زيارة للمملكة المتحدة وقابل الملكة، ودار الحديث عن إدارة شؤون الحكم.
فقالت الملكة إن أهم عنصر في الإدارة هو إحاطة نفسك بالأذكياء من فريق حكمك، وبالتالي ستكون استشاراتهم ذات قيمة.
فقال: وكيف أعرف أن من أختاره ذكي أم لا؟
قالت: أجرِ له اختباراً بسيطاً، كما سأفعل الآن.
وقالت: ادعُ لي توني بلير.
حضر بلير، فسألته: أمك وأبوك عندهما طفل، لا هو أخوك ولا هو أختك، من يكون؟
قال لها: بالطبع هذا أنا.
فقالت الملكة: أحسنت، ونظرت إلى بوش فأومأ برأسه بالإقناع والامتنان.
وفي البيت الأبيض دعا جورج بوش ديك تشيني وسأله: أمك وأبوك عندهم طفل، ليس أخوك ولا أختك، من يكون؟
فاحتار تشيني وقال: لحظة فخامتك وسأرد على سؤالكم فقط عليّ التعامل مع مكالمة هامة.
وخرج ونادى كولن باول وسأله نفس السؤال.
فقال باول: هذا أنا.
فرجع لبوش وقال: الجواب هو كولن باول.
فضحك بوش وقال: يا غبي، هذا توني بلير.
وأيام طغيان بشار الأسد، خرجت نكتة تقول:
كان هناك طبيب أسنان هاجر إلى أمريكا، وهناك لمع نجمه وعمل عدة سنوات أبحاث وحصل على اختراع فذ.
وفكر أن يعود إلى سوريا ليفيد وطنه باختراعه.
ولكن لم يكن يعرف الأوضاع جيداً هناك لأنه قضى معظم عمره في أبحاثه وعمله في أمريكا.
فاتصل بأحد زملائه ليخبره أنه عائد إلى سوريا ويطلب منه ترتيب عيادة وسكن له.
فاستغرب زميله من ذلك وقال: تِرى في سوريا أطباء الأسنان أكثر من الهم على القلب. ولن تجد لك سوقاً هنا.
فقال: لكن أنا اخترعت أسلوباً جديداً في هذا العلم.
فرد زميله: وماذا هو؟
قال: أخلع الأسنان بدون أن يفتح المريض تمه.
فرد عليه: مالت عليك.
فقال: لماذا؟
فقال: أصلاً لا يوجد مواطن في سوريا يقدر يفتح تمه.
يُقال: في إحدى الدول التي فيها برلمان صوري، يعني مجرد ديكور، كان هناك إعداد للانتخابات، ومن ضمن الديكور أن يجتمع البرلمان كلما انتهت دورة الرئاسة، فيرشح الرئيس نفسه في كل جولة انتخابية، ثم يسألون من باب الفهلوة: هل هناك من يريد الترشح أمام الرئيس؟
فيمتنع الجميع، وكالعادة تصفيق، ويرجع الرئيس إلى الكرسي التليد.
فمرة جاءت جولة انتخابات، وكان من ضمن البرلمانيين عالم بروفسور عاد من أمريكا واستقر في وطنه من سنة فائتة.
وعندما طُرح الاستفسار: من سيرشح نفسه ضد الرئيس؟
صمت الجميع كالعادة، فاستغرب البروفيسور ولم يعجبه الأمر، فرفع يده.
فسألوه: هل تريد تستفسر عن شيء؟
قال: لا، أنا أريد أن أرشح نفسي ضد الرئيس.
فاستشاط الرئيس غضباً وقال: ما هذا العبث، هل أنت حمار؟
فرد البروفيسور: ليه، هل هذا شرط؟
وفي عهد صدام، يُقال إن أحد العلماء قدِم إلى القصر الجمهوري ومعه جهاز وقال: أود أن أقدمه إلى فخامة الرئيس.
فنقلوا رغبته لصدام، فقال: هل تأكدتم من أن الجهاز ليس فيه مواد سرية أو متفجرات؟
قالوا: نعم.
دخل العالم، فسأله صدام: ما الجديد في هذا الجهاز؟
قال: سيدي، أنا عملت عليه من عدة سنوات، وكل هذا لأجل فخامتكم، سيدي، فنحن لا يمكن أن نستغني عنكم ولا بعد مئة عام.
وهذا الجهاز إذا دخلتم فيه ترجعون شباباً في العشرينات، وكلما كبرتم تدخلون فيه، وهكذا تحكمون الوطن للأبد.
فقال صدام: تمام، برافو عليك، وطني مخلص.
طبعاً صدام واعي وحذر، فقال: يا طارق عزيز، ادخل في الصندوق.
طبعاً، من يقدر يقول لا؟
فرد: حاضر سيدي.
ودخل الصندوق، وقام العالم بلف يد الماكينة: واحد، اثنين، ثلاثة، وتوقف.
فخرج طارق يرتدي ملابس رثّة، وفي يده صينية بها أكواب شاي، وهو ينادي: شاي، شاي.
فقال صدام: تمام، “صدج” كلامك، يا عالم يا بطل، هذا اختراع زين.
تعال يا صحاف، ادخل مثل الدوري.
فقال: على راسي، حاضر سيدي.
ودخل في الصندوق، وحرك العالم يد الصندوق: 1-2-3، وتوقف.
فخرج الصحاف وهو يقول: أرقيلة واثنين ماي للشباب.
فقال صدام: الآن تمام.
ودخل في الصندوق، ولف العالم يد الصندوق بسرعة ولم يتوقف، فصاح رفعت الدوري: أشلون بتسوي؟ وقف! وقف!
فرد العالم: والله لأرجعه لبطن أمه!
يُقال: إن رئيس دولة عربية ذهب للصين في زيارة من قبل عشرات السنين، فقابل الرئيس الصيني.
ومن ضمن تجاذب الحديث الودي، سأل الرئيس الصيني الرئيس العربي وقال: ممكن فخامتكم يقول لنا كم عدد سكان بلدكم العظيم؟
فانتشى الرئيس العربي، ووضع رجل على رجل، وقال: لمعلوماتكم يا فخامة الرئيس، فالحمد لله لقد بلغ عدد سكان وطننا العظيم مليوني نسمة ومئتي ألف.
فرد الصيني: طيب، كان جبتهم معك!
النكتة السياسية لها لون آخر فهي تكشف وجها آخر لأرباب السياسة لم نره بعد . فليته يجمه مؤلفاً يعني بفن الطرفة السياسة ليعيد لنا شريا من البريق الذي في دهاليز السياسة .
النكتة السياسية لها لون آخر فهي تكشف وجها آخر لأرباب السياسة لم نره بعد . فليته يجمع مؤلفاً يعني بفن الطرفة السياسية ليعيد لنا شئيا من البريق الذي يختفي خلف دهاليز السياسة .