كنتُ في زيارة سريعة إلى مدينة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقمت أثناء زيارتي بزيارة لبعض المواقع التاريخية، ومن ضمنها موقع ومسجد غزوة الخندق والمساجد السبعة.
لكن ما هي قصة غزوة الخندق وما دور الصحابي الجليل سلمان الفارسي، وهو أول مهندس في الإسلام؟
أما سبب غزوة الخندق أو غزوة الأحزاب كما تُسمى أيضًا، والتي وقعت في السنة الخامسة للهجرة النبوية إلى المدينة المنورة.
أن يهود بني النضير نقضوا عهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم وحاولوا قتله؛ فتوجه جيش المسلمين وحاصرهم ثم استسلموا، وتم إخراجهم من ديارهم. لكن لم يزل الحقد الدفين في قلوبهم وعقدوا العزم على الانتقام من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن المسلمين، وبدأوا بتحريض القبائل العربية ضد المسلمين وغزو المدينة للقضاء على المسلمين.
ولأن الكفر ملة واحدة؛ فقد استجاب لهم عدد من القبائل العربية، وعلى رأسهم قريش وحلفاؤها كنانة وقبيلة غطفان وحلفاؤها، وهذيل وخزاعة، وبعض القبائل الأخرى.
وقد انضم إليهم يهود بني قريظة، والذين كان بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق.
أما دور الصحابي الجليل سلمان الفارسي -رضي الله عنه- فقد كان مهمًا جدًا حين أشار على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، وقال كنا في أرض فارس إذا خفنا الخيل تخندفنا أي حفرنا خندق بيننا وبينها، والمعروف عن الخيول أنها لا تستطيع النزول والطلوع الحاد.
فأعجب الرسول صلى الله عليه وسلم بفكرة سلمان الفارسي وأخذ بها، وقام المسلمون بحفر الخندق في الجهة الشمالية من المدينة المنورة بطول أكثر من خمسة كيلو متر، وعرض أربعة أمتار وعُمق ثلاثة أمتار، وقد شارك الرسول صلى الله عليه وسلم مع المسلمين في حفر الخندق.
وهنا قال المهاجرون سلمان منا. وقال الأنصار سلمان منا.
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم سلمان من أهل البيت.. فأي نسب أعظم من هذا النسب.
وبعد ثلاثة أسابيع من الحصار على المسلمين في المدينة تمَّت هزيمة الأحزاب، وعلى رأسهم كفار قريش بقيادة أبو سفيان بأن دبَّ الخلاف بينهم، ولم يستطيعوا اختراق الخندق وأرسل الله عليهم ريح شديدة عجَّلت من هزيمتهم، ورجعوا إلى ديارهم يجرون أذيال الهزيمة والفشل الذريع.
وهنا يبرز دور الهندسة في إدارة الحروب قديمًا، وحتى عصرنا الحاضر، والذي أصبحت قوة أي بلد تُقاس بما يملك من الأسلحة المتطورة والتقنيات الحديثة.
