المقالات

كل تأسيس وأنت بخير ياوطني

تحل علينا ذكرى تأسيس هذا الكيان العظيم، هذا الكيان الفريد للدولة السعودية بمراحلها الثلاثة. وقد ابتدأت قصة هذا التأسيس الخالد منذ عام ١١٣٩ه‍/ ١٧٢٧م، هذا العام الذي اجتمعت فيه على أرض الدرعية القوة والعزم والإصرار مع سحائب الهدى والإيمان والنور، اجتمعت فيه مواثيق الصدق والأمانة والمسؤولية مع بعضها البعض؛ لتعقد أقوى عُرى الميثاق بين الإمام الشجاع والشيخ الصادق، الإمام الهمام الذي أسس الكيان العظيم، والذي يعد من أعظم الأمثلة التاريخية في ماهية الحكم، والشيخ الوقور الذي أعاد جذور العقيدة الإسلامية إلى أصولها الصحيحة منذ عهد فجر الإسلام. الفجر الذي أشرق نوره على يد رسول البشرية عليه الصلاة والسلام، اجتمعت لتنشر بداية العهد الجديد من الحكم السعودي المأمول في تاريخ الدول العربية المعاصرة.

وهي بطبيعة الحال من الذكريات الخالدة التي يختزلها عمق عقل كل مواطن، ويحتفظ بها جوف صدره لكل من عرف هذا الوطن الكبير ولم ولن يعرف غيره أبداً. لكل من عشق هذا الوطن الغالي ولم ولن يعشق غيره، لكل من أحب هذا الوطن المعطاء ولم ولن يحب غيره. وطن تتسابق القلوب الصافية عليه قبل الأجساد الطاهرة، وطن تتناغم فيه كل المشاعر الفياضة والأحاسيس الحقيقية مع كل شبر في أرجاء ثراه، وطن تعلو الأبصار في أبعد الثريا؛ لتضع أحاسيسها المرهفة في أقصاها. وتستمر القصة العظيمة تلو القصة؛ ليخلد المجد على يد إمام ثم يتبعه إمام آخر حتى قيض الله لهذه البلاد المباركة إمام أسس كيان شامخ ليس مثل كل الكيانات في عام ١٣١٩ه‍، ثم وحده تحت مسمى المملكة العربية السعودية في عام ١٣٥١ه‍ وفق ملحمة وطنية عظيمة.

وقد كانت الأحداث هناك في أقصى ماضي الوقت من الزمن الراحل، وفي خضم الأحوال المنهكة، وفي أقسى الظروف المتعبة كان فيها البعد عن الوطن الغالي وأهله من أكبر الهموم التي تشغل البال ليل نهار وهذا ما رآه الشاب البطل في تقاسيم محيا والده الإمام، وكأن لسان الحال يقول: انتزعت الأرض؟ وذهب الملك؟ وتفرق الناس؟ وتبدلت الأمور وليس لنا إلا بتسليم الأمر لله وحده، والإيمان بالقدر خيره وشره وهو البلسم الشافي للحال الواقع. وعلى تراب أرض عربية في أقصى الجزيرة العربية هي أرض لرجال أوفياء هم بمثابة الأهل والإخوان كان هذا الشاب حينها وفي حقيقة الأمر قلبه معلق في وطنه أرض الآباء والأجداد وسط تلهف ورغبة جامحة في العودة العاجلة، أرض غالية في كل الأحوال لا تفارق فكره كل وقت وحين فاسترجاع الرياض هي الهدف المأمول مهما طال الزمن أو قصر.

ولم يلبث الفارس كثيراً في العزم على استعادة الملك المسلوب حتى ولو كلفه ذلك الكثير وبعد التوكل على الله اتخذ قراره الحازم وسط مخاوف وترقب لكل من حوله في استحباب تأجيل خوض التجربة لوقت آخر فكان الإصرار هو سيد الموقف.. ومع رجال هم قلة في العدد ولكن لهم قلوب بمئات الرجال وبدأت الرحلة التاريخية التي أولها أمل، وأوسطها كفاح، وآخرها نصر عزيز وبعد هجوم قوي على الخصوم في قصر الحكم اعتلى صوت النصر في سماء الرياض الملك لله ثم لعبدالعزيز، الملك لله ثم لعبدالعزيز فتسابق أهل الرياض ومن حولها؛ للمبايعة فعندها تغيرت وتيرة الأحوال وتبدلت بفضل الله من خوف إلى أمن ومن فرقة إلى وحدة ومن شتات إلى استقرار وأصبح الطموح الكبير أبعد. ومازالت الملاحم مستمرة حتى كانت البلاد الشاسعة من جنوبها إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها وطن واحد خالد وما بين تفاصيل التأسيس واستكمال التوحيد لاحت مملكة العز والفخر والإنسانية المملكة العربية السعودية في سماء الكون وكل تأسيس ياوطني وأنت بخير في ظل قيادة رشيدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى