مدخل:
المثل يقول: (يدعي على ولده .. وإذا قلنا آمين .. زعل) ..
…
هناك من يقول لك من بعد السلام والكلام والسؤال عن الأحوال: (والله يا أخي أنا تعبان اليومين ذي، صحتي مش ولا بد، زي منت شايف، وكمان المصاريف زي ما تعرف، كل شيء تدبل سعره، وزاد الهم همين)
فترد عليه متعاطفًا: (أعانك الله.. كلنا ذاك الرجل.. وفعلًا – أنا شايفك ضعغان شويه) ..
عندئذ ترى ردة فعله بين الخجل والزعل منك..
فتظل حائرًا – تسأل نفسك: (ماذا يريد هذا بالضبط؟) ..
أنا تعاطفت معه وسايرته، وزعل .. طيب .. لو تجاهلته لزعل أيضًا !!
والواقع أن خبراء علم النفس يوصون بألا يتحدث الإنسان عن نفسه بالسلب.. فلا يقل أنا فاشل، بل يقول: كانت محاولة فاشلة، فالفشل حدث – وليس شخصًا.
لا تقل أنا تعبان .. فالتعب مرحلة – وليس ديمومة …
لا تقل أنا في ضائقة مالية من مصاريف البيت.. فالضائقة سببها إدارتك الفاشلة .. رشد مصاريفك من دون كماليات و(بحبحة) وستنجح.. بل وستكون سعيدًا
وكم من صاحب راتب صغير ربما يكون أسعد من صاحب الألوف.. إذ بالقناعة، و(تكييف أمورك) تستطيع أن تتلذذ بما تحت يديك.
موضوعنا:
ذات مرة (وهذه الحكاية من بلد عربي)، كان أحد الأغنياء يتجول بسيارته المرسيدس الفخمة.. ومر بجوار حديقة فيها عمال يتسكعون.. وكان زجاج السيارة مفتوحًا.. فسمع أحد العمال يُشير بيده نحوه ويقول: (أيووه ياعم هم دول الناس اللي فوق) ..
فما كان من الغني إلا أن أمر سائقه بالتوقف، والعودة – بالريوس – للعمال …
ثم عندما نزل إليهم من السيارة.. خافوا.. وتراكضوا مبتعدين فنادى عليهم.. وبصعوبة عاد إليه بعضهم .. فقال:
(من القائل قبل قليل) ….. (قولوا ما تخافوش … مش حيصل لكم حاجة – والله) ..
فتشجَّع القائل، وقال: (أنا يا بيه – وأنا آسف) ..
قال الغني: (تعال لما أقول لك حاجة… ازززي صحتك) ..
رد العامل: (زي البومب) وبالفعل كان ذلك العامل مثل الحصان
سأل الغني مرة أخرى: (عندك ولاد) ..
(أيوة أربعة – وكلهم متفوقين والحمد لله )
قال الغني: (تعال لما أقولك ؟) .. (أنا معاي مرسيدس فخمة زي منت شايف، وأنت ما معكش …. ومعايا 60 مليون بالبنك نقدًا – غير العقارات…. لكن ما أقدرش أنام من التعب أبدًا – ما أقدرش أنام حقيقي … حتى رحت ألمانيا ما فيش فايدة .. وكمان ربنا ما رزقنيش بالذرية ..)
إيه رأيك تشيل اللي عندي – وأشيل اللي عندك …. أكلمك جاد – والله)
رد العامل: (لا يا بيه – أنا مبسوط كده).
